كتاب الفائق في غريب الحديث (اسم الجزء: 3)

أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ منعته الْعَرَب الزَّكَاة فَقيل لَهُ: اقبل ذَلِك الْأَمر مِنْهُم فَقَالَ: لَو مَنَعُونِي عقَالًا مِمَّا أَدّوا إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقاتلتهم عَلَيْهِ كَمَا أُقاتلهم على الصَّلَاة. وروى: لَو مَنَعُونِي عنَاقًا. وروى: لَو مَنَعُونِي جدياً أذوط.
عقل هُوَ صَدَقَة السّنة إِذا أَخذ الْأَسْنَان دون الْأَثْمَان. وَكَأن الأَصْل فِي هَذِه التَّسْمِيَة الْإِبِل لِأَنَّهَا الَّتِي تُعقل. وَعَن مُعَاوِيَة رَضِي الله عَنهُ أَنه اسْتعْمل ابْن أَخِيه عَمْرو بن عتبَة بن أبي سُفْيَان على صدقَات كلب فاعتدى عَلَيْهِم فَقَالَ عَمْرو بن عداء الْكَلْبِيّ: ... سَعَى عِقالاً فَلم يَتْرَك لنا سَبَداً ... فَكيف لَوْ قَدْ سعى عَمرٌو عِقَالين ... لأَصبَح الحيُّ أوْبَاداً وَلم يَجِدُوا ... عِنْد التَّفَرّق فِي الهَيْجَا جِمَالَيْنِ ... أَرَادَ مُدَّة عقال فنصبه على الظّرْف. وَعَن ابْن أبي ذُبَاب رَحمَه الله تَعَالَى قَالَ: أخر عمر الصَّدَقَة عَام الرَّمَادَة فَلَمَّا أَحْيَا النَّاس بَعَثَنِي فَقَالَ: اعقل عَلَيْهِم عِقَالَيْنِ فاقسم فيهم عقَالًا وائتني بِالْآخرِ. أَي أوجب. وَقيل هُوَ العقال الْمَعْرُوف. وَعَن مُحَمَّد بن مسلمة رَضِي الله عَنهُ: أَنه كَانَ يعْمل على الصَّدَقَة فِي عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَكَانَ يَأْمر الرجل إِذا جَاءَ بفريضتين أَن يَأْتِي بعقالهما وقرانهما. وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ يَأْخُذ مَعَ كل فَرِيضَة عقَالًا ورواء فَإِذا جَاءَ الْمَدِينَة بَاعهَا ثمَّ تصدق بِتِلْكَ الْعقل والأروية. وَقيل: إِنَّمَا أَرَادَ الشَّيْء التافه الحقير فَضرب العقال مثلا لَهُ. الأذوط: الصَّغِير الفك والذقن وَقيل: هُوَ الَّذِي يطول حنكه الْأَعْلَى وَيقصر الْأَسْفَل.
عقب عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ سَافر فِي عقب شهر رَمَضَان وَقَالَ: إِن الشَّهْر قد تسعسع فَلَو صمنا بَقِيَّته.

الصفحة 14