كتاب الترغيب والترهيب للمنذري (اسم الجزء: 3)

وَثَمَانِينَ رجلا فَقبل مِنْهُم علانيتهم وبايعهم واستغفر لَهُم ووكل سرائرهم إِلَى الله عز وَجل حَتَّى جِئْت فَلَمَّا سلمت تَبَسم تَبَسم الْمُغْضب ثمَّ قَالَ تعال فَجئْت أَمْشِي حَتَّى جَلَست بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لي مَا خَلفك ألم تكن قد ابتعت ظهرك قلت يَا رَسُول الله إِنِّي وَالله لَو جَلَست عِنْد غَيْرك من أهل الدُّنْيَا لرأيت أَنِّي سأخرج من سخطه بِعُذْر وَلَقَد أَعْطَيْت جدلا وَلَكِنِّي وَالله لقد علمت لَئِن حدثتك الْيَوْم حَدِيث كذب ترْضى بِهِ عني ليوشكن الله أَن يسخطك عَليّ وَلَئِن حدثتك حَدِيث صدق تَجِد عَليّ فِيهِ إِنِّي لأرجو فِيهِ عُقبى الله عز وَجل
وَفِي رِوَايَة عَفْو الله وَالله مَا كَانَ لي من عذر مَا كنت قطّ أقوى وَلَا أيسر مني حِين تخلفت عَنْك
قَالَ فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أما هَذَا فقد صدق فَقُمْ حَتَّى يقْضِي الله فِيك فَقُمْت وثار رجال من بني سَلمَة فَاتبعُوني فَقَالُوا وَالله مَا علمناك أذنبت ذَنبا قبل هَذَا لقد عجزت فِي أَن لَا تكون اعتذرت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا اعتذر إِلَيْهِ الْمُخَلفُونَ فقد كَانَ كافيك ذَنْبك اسْتِغْفَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَك قَالَ فوَاللَّه مَا زَالُوا يؤنبونني حَتَّى أردْت أَن أرجع إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأكذب نَفسِي قَالَ ثمَّ قلت لَهُم هَل لَقِي هَذَا معي أحد قَالُوا نعم لقِيه مَعَك رجلَانِ قَالَا مثل مَا قلت وَقيل لَهما مَا قيل لَك قَالَ قلت من هما قَالُوا مرَارَة بن ربيعَة العامري وهلال بن أُميَّة الوَاقِفِي
قَالَ فَذكرُوا لي رجلَيْنِ صالحين قد شَهدا بَدْرًا فيهمَا أُسْوَة قَالَ فمضيت حَتَّى ذكروهما لي قَالَ وَنهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمُسلمين عَن كلامنا أَيهَا الثَّلَاثَة من بَين من تخلف عَنهُ
قَالَ فَاجْتَنَبَنَا النَّاس أَو قَالَ تغيرُوا لنا حَتَّى تنكرت لي فِي نَفسِي الأَرْض فَمَا هِيَ بِالْأَرْضِ الَّتِي أعرف فلبثنا على ذَلِك خمسين لَيْلَة فَأَما صَاحِبَايَ فاستكانا وقعدا فِي بيوتهما يَبْكِيَانِ وَأما أَنا فَكنت أشب الْقَوْم وأجلدهم فَكنت أخرج فَأشْهد الصَّلَاة وأطوف فِي الْأَسْوَاق فَلَا يكلمني أحد وَآتِي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ فِي مَجْلِسه بعد الصَّلَاة فَأسلم فَأَقُول فِي نَفسِي هَل حرك شَفَتَيْه برد السَّلَام أم لَا ثمَّ أُصَلِّي قَرِيبا مِنْهُ وأسارقه النّظر فَإِذا أَقبلت على صَلَاتي نظر إِلَيّ فَإِذا الْتفت نَحوه أعرض عني حَتَّى إِذا طَال عَليّ ذَلِك من جفوة الْمُسلمين مشيت حَتَّى تسورت جِدَار حَائِط أبي قَتَادَة وَهُوَ ابْن عمي وَأحب النَّاس إِلَيّ فَسلمت عَلَيْهِ فوَاللَّه مَا رد عَليّ السَّلَام فَقلت يَا أَبَا قَتَادَة أنْشدك بِاللَّه هَل تعلمن أَنِّي أحب الله وَرَسُوله قَالَ فَسكت فعدت فناشدته فَسكت فعدت فناشدته فَقَالَ الله وَرَسُوله أعلم فَفَاضَتْ عَيْنَايَ وتوليت حَتَّى تسورت الْجِدَار فَبينا أَنا أَمْشِي فِي سوق الْمَدِينَة إِذا نبطي من أَنْبَاط

الصفحة 361