كتاب الترغيب والترهيب للمنذري (اسم الجزء: 3)

الطفيتان بِضَم الطَّاء الْمُهْملَة وَإِسْكَان الْفَاء هما الخطان الأسودان فِي ظهر الْحَيَّة وأصل الطفية خوصَة الْمقل شبه الخطين على ظهر الْحَيَّة بخوصتي الْمقل وَقَالَ أَبُو عمر النمري يُقَال إِن الطفيتين جنس يكون على ظَهره خطان أبيضان
والأبتر هُوَ الأفعى وَقيل جنس أَبتر كَأَنَّهُ مَقْطُوع الذَّنب وَقيل هُوَ صنف من الْحَيَّات أَزْرَق مَقْطُوع الذَّنب إِذا نظرت إِلَيْهِ الْحَامِل أَلْقَت
قَالَه النَّضر بن شُمَيْل
وَقَوله يلتمسان الْبَصَر مَعْنَاهُ يطمسانه بِمُجَرَّد نظرهما إِلَيْهِ بخاصية جعلهَا الله فيهمَا
قَالَ الْحَافِظ قد ذهب طَائِفَة من أهل الْعلم إِلَى قتل الْحَيَّات أجمع فِي الصحارى والبيوت بِالْمَدِينَةِ وَغير الْمَدِينَة وَلم يستثنوا فِي ذَلِك نوعا وَلَا جِنْسا وَلَا موضعا وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِأَحَادِيث جَاءَت عَامَّة كَحَدِيث ابْن مَسْعُود الْمُتَقَدّم وَأبي هُرَيْرَة وَابْن عَبَّاس وَقَالَت طَائِفَة تقتل الْحَيَّات أجمع إِلَّا سواكن الْبيُوت بِالْمَدِينَةِ وَغَيرهَا فَإِنَّهُنَّ لَا يقتلن لما جَاءَ فِي حَدِيث أبي لبَابَة وَزيد بن الْخطاب من النَّهْي عَن قتلهن بعد الْأَمر بقتل جَمِيع الْحَيَّات وَقَالَت طَائِفَة تنذر سواكن الْبيُوت فِي الْمَدِينَة وَغَيرهَا فَإِن بدين بعد الْإِنْذَار قتلن وَمَا وجد مِنْهُنَّ فِي غير الْبيُوت يقتل من غير إنذار وَقَالَ مَالك يقتل مَا وجد مِنْهَا فِي الْمَسَاجِد وَاسْتدلَّ هَؤُلَاءِ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِن لهَذِهِ الْبيُوت عوامر فَإِذا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئا فحرجوا عَلَيْهَا ثَلَاثًا فَإِن ذهب وَإِلَّا فَاقْتُلُوهُ
وَاخْتَارَ بَعضهم أَن يَقُول لَهَا مَا ورد فِي حَدِيث أبي ليلى الْمُتَقَدّم وَقَالَ مَالك يَكْفِيهِ أَن يَقُول أحرج عَلَيْك بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن لَا تبدو لنا وَلَا تؤذينا وَقَالَ غَيره يَقُول لَهَا أَنْت فِي حرج إِن عدت إِلَيْنَا فَلَا تلومينا أَن نضيق عَلَيْك بالطرد والتتبع وَقَالَت طَائِفَة لَا تنذر إِلَّا حيات الْمَدِينَة فَقَط لما جَاءَ فِي حَدِيث أبي سعيد الْمُتَقَدّم من إِسْلَام طَائِفَة من الْجِنّ بِالْمَدِينَةِ وَأما حيات غير الْمَدِينَة فِي جَمِيع الأَرْض والبيوت فَتقْتل من غير إنذار لأَنا لَا نتحقق وجود مُسلمين من الْجِنّ ثمَّ وَلقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس من الفواسق تقتل فِي الْحل وَالْحرم وَذكر مِنْهُنَّ الْحَيَّة
وَقَالَت طَائِفَة يقتل الأبتر وَذُو الطفيتين من غير إنذار سَوَاء كن بِالْمَدِينَةِ وَغَيرهَا لحَدِيث أبي لبَابَة سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن قتل الْجنان الَّتِي تكون فِي الْبيُوت إِلَّا الأبتر وَذَا الطفيتين
وَلكُل من هَذِه الْأَقْوَال وَجه قوي وَدَلِيل ظَاهر وَالله أعلم

الصفحة 384