كتاب الإحكام في أصول الأحكام - الآمدي (اسم الجزء: 3)

[الصِّنْفُ السَّادِسُ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ]
الصِّنْفُ السَّادِسُ فِي الْمُطْلَقِ (١) وَالْمُقَيَّدِ.
أَمَّا الْمُطْلَقُ فَعِبَارَةٌ عَنِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ.
فَقَوْلُنَا: (نَكِرَةٌ) احْتِرَازٌ عَنْ أَسْمَاءِ الْمَعَارِفِ وَمَا مَدْلُولُهُ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ أَوْ عَامٌّ مُسْتَغْرِقٌ.
وَقَوْلُنَا: (فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ) احْتِرَازٌ عَنِ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ، فَإِنَّهَا تَعُمُّ جَمِيعَ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا، وَتَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنِ التَّنْكِيرِ لِدَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِكَ فِي مَعْرِضِ الْأَمْرِ " أَعْتِقْ رَقَبَةً " أَوْ مَصْدَرِ الْأَمْرِ كَقَوْلِهِ (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) أَوِ الْإِخْبَارِ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ كَقَوْلِهِ: " سَأَعْتِقُ رَقَبَةً " وَلَا يُتَصَوَّرُ الْإِطْلَاقُ فِي مَعْرِضِ الْخَبَرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَاضِي، كَقَوْلِهِ: " رَأَيْتُ رَجُلًا " ضَرُورَةَ تَعْيِنِهِ مِنْ إِسْنَادِ الرُّؤْيَةِ إِلَيْهِ. (٢) وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى مَدْلُولٍ شَائِعٍ فِي جِنْسِهِ. (٣) فَقَوْلُنَا: (لَفْظٌ) كَالْجِنْسِ لِلْمُطْلَقِ وَغَيْرِهِ.
وَقَوْلُنَا: (دَالٌّ) احْتِرَازٌ عَنِ الْأَلْفَاظِ الْمُهْمَلَةِ.
وَقَوْلُنَا: (عَلَى مَدْلُولٍ) لِيَعُمَّ الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ.
---------------
(١) هَلِ الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ أَمْرٌ بِجُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا، ضَرُورَةَ أَنَّهَا كُلِّيٌّ وَلَا وُجُودَ لِلْكُلِّيِّ خَارِجَ الْأَذْهَانِ إِلَّا فِي الْجُزْئِيَّاتِ، أَوْ أَمْرٌ بِكُلِّ جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِهَا، لِإِشْعَارِ عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالتَّعْمِيمِ، أَوْ إِذْنٌ وَتَخْيِيرٌ فِي فِعْلِ كُلِّ جُزْئِيٍّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَاهِيَّةِ، وَيَخْرُجُ الْمُكَلَّفُ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ مِنْهَا كَالْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ، فِي ذَلِكَ خِلَافٌ.
(٢) انْظُرْ نَقْدَ صَاحِبِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَارِحِهِ لِلتَّعْرِيفَيْنِ، وَرَدِّ الْعَطَّارِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِمَا وَمَا نَقَلَهُ عَنِ الْعَلَّامَةِ طَاشَ كُبْرَى مِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا الْمَوْضُوعَ.
(٣) وَقِيلَ: الْمُطْلَقُ: مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَيْدٍ سَوَاءٌ وُجِدَ وَلَمْ يُعْتَبَرْ أَمْ لَمْ يُوجَدْ، فَعَلَى التَّعْرِيفَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا يُسَمَّى اللَّفْظُ بِاعْتِبَارِ دَلَالَتِهِ عَلَى الْمَاهِيَّةِ دُونَ نَظَرٍ إِلَى الْقَيْدِ مُطْلَقًا وَعَلَى الثَّالِثِ يُسَمَّى مُطْلَقًا.

الصفحة 3