كتاب المستدرك للحاكم - دار المعرفة (اسم الجزء: 3)

30- كِتَابُ الْمَغَازِي وَالسَّرَايَا
حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ إِمْلاَءً فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِ مِائَةٍ:
كِتَابُ الْمَغَازِي وَالسَّرَايَا
وَسَائِرِ الْوَقَائعِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَوَفَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدِ اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى كُنْهِ مَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، وَفِيهِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ مَدَارُهَا عَلَى أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَدْ تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهَا مُسْلِمٌ رَحْمَةُ اللهِ ، وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا أَخْبَارٌ يَسِيرَةٌ ، رُوَاتُهَا ثِقَاتٌ مِمَّنْ لَمْ يُخَرِّجُوا عَنْهُمْ فَمِنْهَا.
4297- مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالاَ : رَأَتْ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِيمَا يَرَى النَّائِمُ قَبْلَ مَقْدَمِ ضَمْضَمَ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ عَلَى قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ بِثَلاَثِ لَيَالٍ رُؤْيَا ، فَأَصْبَحَتْ عَاتِكَةُ فَأَعْظَمَتْهَا ، فَبَعَثَتْ إِلَى أَخِيهَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ لَهُ : يَا أَخِي ، لَقَدْ رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا أَفْزَعَتْنِي لَيَدْخُلَنَّ عَلَى قَوْمِكَ مِنْهَا شَرٌّ وَبَلاَءٌ ، فَقَالَ : وَمَا هِيَ ؟ فَقَالَتْ : رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ رَجُلاً أَقْبَلَ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ فَوَقَفَ بِالأَبْطَحِ ، فَقَالَ : انْفِرُوا يَا آلَ غَدْرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلاَثٍ ، فَأَرَى النَّاسَ اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، ثُمَّ أُرَى بَعِيرَهُ دَخَلَ بِهِ الْمَسْجِدَ ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ مَثَلَ بِهِ بَعِيرُهُ ، فَإِذَا هُوَ عَلَى رَأْسِ الْكَعْبَةِ ، فَقَالَ : انْفِرُوا يَا آلَ غَدْرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلاَثٍ ، ثُمَّ إِنَّ بَعِيرَهُ مَثُلَ بِهِ عَلَى رَأْسِ أَبِي قُبَيْسٍ ، فَقَالَ : انْفِرُوا يَا آلَ غَدْرٍ لِمَصَارِعِكُمْ فِي ثَلاَثٍ ، ثُمَّ أَخَذَ صَخْرَةً ، فَأَرْسَلَهَا مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ ، فَأَقْبَلَتْ تَهْوِي حَتَّى إِذَا كَانَتْ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ ، أَرْفَضَتْ فَمَا بَقِيَتْ دَارٌ مِنْ دُورِ قَوْمِكَ ، وَلاَ بَيْتٍ إِلاَّ دَخَلَ فِيهِ بَعْضُهَا ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ : وَاللَّهِ ، إِنَّ هَذِهِ لَرُؤْيَا فَاكْتُمِيهَا ، قَالَتْ : وَأَنْتَ فَاكْتُمْهَا لَئِنْ بَلَغَتْ هَذِهِ قُرَيْشًا لَيُؤْذُونَنَا ، فَخَرَجَ الْعَبَّاسُ مِنْ عِنْدِهَا وَلَقِيَ الْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ ، وَكَانَ لَهُ صَدِيقًا فَذَكَرَهَا لَهُ وَاسْتَكْتَمَهُ إِيَّاهَا ، فَذَكَرَهَا الْوَلِيدُ لأَبِيهِ ، فَتَحَدَّثَ بِهَا فَفَشَا الْحَدِيثُ ، قَالَ الْعَبَّاسُ : وَاللَّهِ ، إِنِّي لَغَادٍ إِلَى الْكَعْبَةِ لأَطُوفَ بِهَا إِذْ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا أَبُو جَهْلٍ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَحَدَّثُونَ ، عَنْ رُؤْيَا عَاتِكَةَ ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : يَا أَبَا الْفَضْلِ ، مَتَى حَدَّثَتْ هَذِهِ النَّبِيَّةُ فِيكُمْ ؟ قُلْتُ : وَمَا ذَاكَ ، قَالَ : رُؤْيَا رَأَتْهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَمَا رَضِيتُمْ يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، أَنْ يَتَنَبَّأَ رِجَالُكُمْ حَتَّى تَنَّبَّأَ نِسَاؤُكُمْ فَسَنَتَرَبَّصُ بِكُمْ هَذِهِ الثَّلاَثَ الَّتِي ذَكَرَتْ عَاتِكَةُ ، فَإِنْ كَانَ حَقًّا فَسَيَكُونُ ، وَإِلاَ كَتَبْنَا عَلَيْكُمْ كِتَابًا إِنَّكُمْ أَكْذَبُ أَهْلِ بَيْتٍ فِي الْعَرَبِ ، فَوَاللَّهِ مَا كَانَ إِلَيْهِ مِنِّي مِنْ كَبِيرٍ إِلاَّ أَنِّي أَنْكَرْتُ مَا قَالَتْ ، فَقُلْتُ : مَا رَأَتْ شَيْئًا وَلاَ سَمِعْتُ بِهَذَا ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ لَمْ تَبْقَ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلاَّ أَتَتْنِي ، فَقُلْنَ : أَصَبَرْتُمْ لِهَذَا الْفَاسِقِ الْخَبِيثِ أَنْ يَقَعَ فِي رِجَالِكُمْ ، ثُمَّ تَنَاوَلَ النِّسَاءَ وَأَنْتَ تَسْمَعُ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ فِي ذَلِكَ غَيْرَةٌ ؟

الصفحة 19