كتاب المستدرك للحاكم - دار المعرفة (اسم الجزء: 3)

4956- حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُرْدِفِي إِلَى نُصُبٍ مِنَ الأَنْصَابِ ، فَذَبَحْنَا لَهُ شَاةً وَوَضَعْنَاهَا فِي التَّنُّورِ ، حَتَّى إِذَا نَضِجَتِ اسْتَخْرَجْنَاهَا فَجَعَلْنَاهَا فِي سُفْرَتِنَا ، ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ وَهُوَ مُرْدِفِي فِي أَيَّامِ الْحَرِّ مِنْ أَيَّامِ مَكَّةَ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى الْوَادِي لَقِيَ فِيهِ زَيْدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ، فَحَيَّا أَحَدُهُمَا الآخَرَ بِتَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنَفُوكَ ؟ قَالَ : أَمَا وَاللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لِتَغَيُّرِ ثَائِرَةٍ كَانَتْ مِنِّي إِلَيْهِمْ ، وَلَكِنِّي أَرَاهُمْ عَلَى ضَلاَلَةٍ ، قَالَ : فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي هَذَا الدِّينَ حَتَّى قَدِمْتُ عَلَى أَحْبَارِ يَثْرِبَ فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا بِالدِّينِ الَّذِي أَبْتَغِي ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَى أَحْبَارِ أَيْلَةَ فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا بِالدِّينِ الَّذِي أَبْتَغِي ، فَقَالَ لِي حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الشَّامِ : إِنَّكَ تَسْأَلُ عَنْ دِينٍ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَعْبُدُ اللَّهَ بِهِ إِلاَّ شَيْخًا بِالْجَزِيرَةِ ، فَخَرَجْتُ حَتَّى قَدِمْتُ إِلَيْهِ ، فَأَخْبَرْتُهُ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ ، فَقَالَ : إِنَّ كُلَّ مَنْ رَأَيْتَهُ فِي ضَلاَلَةٍ إِنَّكَ تَسْأَلُ عَنْ دِينٍ هُوَ دِينُ اللهِ ، وَدِينُ مَلاَئِكَتِهِ ، وَقَدْ خَرَجَ فِي أَرْضِكَ نَبِيٌّ أَوْ هُوَ خَارِجٌ ، يَدْعُو إِلَيْهِ ، ارْجِعْ إِلَيْهِ وَصَدِّقْهُ وَاتَّبِعْهُ ، وَآمِنَ بِمَا جَاءَ بِهِ ، فَرَجَعْتُ فَلَمْ أُحْسِنْ شَيْئًا بَعْدُ ، فَأَنَاخَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَعِيرَ الَّذِي كَانَ تَحْتَهُ ، ثُمَّ قَدَّمْنَا إِلَيْهِ السُّفْرَةَ الَّتِي كَانَ فِيهَا الشِّوَاءُ ، فَقَالَ : مَا هَذِهِ ؟ فَقُلْنَا : هَذِهِ شَاةٌ ذَبَحْنَاهَا لِنُصُبِ كَذَا وَكَذَا ، فَقَالَ : إِنِّي لاَ آكُلَ مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللهِ ، وَكَانَ صَنَمًا مِنْ نُحَاسٍ يُقَالُ لَهُ : إِسَافُ وَنَائِلَةُ يَتَمَسَّحُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا ، فَطَافَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَطُفْتُ مَعَهُ ، فَلَمَّا مَرَرْتُ مَسَحْتُ بِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَمَسَّهُ ، قَالَ زَيْدٌ : فَطُفْنَا ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي : لاَمَسَّنَّهُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَقُولُ ، فَمَسَحْتُهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَمْ تُنْهَ ؟ قَالَ زَيْدٌ : فَوَالَّذِي أَكْرَمَهُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ مَا اسْتَلَمْتُ صَنَمًا حَتَّى أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِالَّذِي أَكْرَمَهُ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، وَمَاتَ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ.
صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَرَفَ فَضْلَ زَيْدِ وَتَقَدُّمَهُ فِي الإِسْلاَمِ قَبْلَ الدَّعْوَةِ.

الصفحة 216