كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)
5370 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ فَهْمٍ , قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ , يَقُولُ «§لَوْ أَنَّ رَجُلًا , رَحَلَ إِلَى مِصْرٍ , فَانْصَرَفَ مِنْهَا بِكِتَابِ التَّأْوِيلِ لِمُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ , مَا رَأَيْتُ رِحْلَتَهُ ذَهَبَتْ بَاطِلَةً» فَوَجَدْنَا مَا أُضِيفَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالتَّحِيَّةَ فِي آيَةِ الْأَنْفَالِ , قَدْ كَانَ التَّمْلِيكُ , لَا عَلَى مَا سِوَاهُ , فَقَدْ كَانَ فِي هَذَا حُجَّةٌ قَاطِعَةٌ , تُغْنِينَا عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِمَا سِوَاهَا , عَلَى أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ , وَلَكِنَّا نُرِيدُ فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ فَنَقُولُ: قَدْ وَجَدْنَا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَضَافَ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنَ الْفَيْءِ فِي غَيْرِ الْآيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ إِيَّاهُ , مَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]
5371 - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ , وَأَبُو أُمَيَّةَ , قَالَا: ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ , قَالَ: ثنا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ النَّضْرِيِّ , قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ «§إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ الْمَدِينَةَ أَهْلُ أَبْيَاتِ قَوْمِكَ , وَقَدْ أَمَرْنَا لَهُمْ بِرَضْخٍ , فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ» فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ , إِذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ , فَقَالَ: هَذَا عُثْمَانُ , وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ , وَسَعْدٌ , وَالزُّبَيْرُ , وَطَلْحَةُ يَسْتَأْذِنُونَ عَلَيْكَ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُمْ» , ثُمَّ مَكَثْنَا سَاعَةً فَقَالَ: هَذَا الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ يَسْتَأْذِنَانِ عَلَيْكَ فَقَالَ «ائْذَنْ لَهُمَا» , فَدَخَلَ الْعَبَّاسُ , قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ , وَهُمَا , حِينَئِذٍ , فِيمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ , فَقَالَ الْقَوْمُ: اقْضِ بَيْنَهُمَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَرِحْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ , -[281]- فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنْشُدُكُمُ اللهَ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ , أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا نُورَثُ , مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» قَالُوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ , ثُمَّ قَالَ لَهُمَا مِثْلَ ذَلِكَ , فَقَالَا: نَعَمْ , قَالَ: فَإِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ عَنْ هَذَا الْفَيْءِ , إِنَّ اللهَ خَصَّ نَبِيَّهُ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ غَيْرَهُ فَقَالَ «مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ» فَوَاللهِ مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ , وَلَا اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ , وَلَقَدْ قَسَمَهَا بَيْنَكُمْ , وَبَثَّهَا فِيكُمْ , حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا هَذَا الْمَالُ , وَكَانَ يُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى أَهْلِهِ رِزْقَ سَنَةٍ , ثُمَّ يَجْمَعُ مَا بَقِيَ مَجْمَعَ مَالِ اللهِ «, أَفَلَا تَرَى أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ» وَمَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ " هُوَ عَلَى فَيْءٍ تَمَلَّكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ سَائِرِ النَّاسِ , لَيْسَ عَلَى مِفْتَاحِ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَجِبُ لَهُ بِهِ مِلْكٌ , فَكَذَلِكَ مَا أَضَافَهُ إِلَيْهِ أَيْضًا فِي آيَةِ الْفَيْءِ وَفِي آيَةِ الْغَنِيمَةِ اللَّتَيْنِ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمَا فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ , هُوَ عَلَى التَّمْلِيكِ مِنْهُ , لَيْسَ لَهُ عَلَى افْتِتَاحِ الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَجِبُ لَهُ بِهِ مِلْكٌ , فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَيْءَ وَالْخُمُسَ مِنَ الْغَنَائِمِ , قَدْ كَانَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْرَفَانِ فِي خَمْسَةِ أَوْجُهٍ , لَا فِي أَكْثَرَ مِنْهَا , وَلَا فِيمَا دُونَهَا
الصفحة 280