كتاب شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 3)
4529 - حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ , قَالَ أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ , قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " §مَا لِفَاطِمَةَ مِنْ خَيْرٍ فِي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ , يَعْنِي قَوْلَهَا: لَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى. فَهَذِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا , لَمْ تَرَ الْعَمَلَ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ أَيْضًا , وَقَدْ صَرَفَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِلَى خِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي صَرَفَهُ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى
4530 - حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ , قَالَ: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ , عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا؟ فَقَالَ: فِي بَيْتِهَا , فَقُلْتُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؟ فَقَالَ: «تِلْكَ الْمَرْأَةُ فَتَنَتِ النَّاسَ , وَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا بِلِسَانِهَا , §فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ , وَكَانَ رَجُلًا مَكْفُوفَ الْبَصَرِ» . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ مَا رَوَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا «لَا سُكْنَى لَكِ وَلَا نَفَقَةَ» لَا دَلِيلَ فِيهِ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَلَا سُكْنَى , إِذَا كَانَ قَدْ صَرَفَ ذَلِكَ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ. وَقَدْ
4531 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ , وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ , قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ , قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَخْبَرَتْهُ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ تُحَدِّثُ بِهِ مِنْ خُرُوجِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ ". فَهَذَا أَبُو سَلَمَةَ يُخْبِرُ أَيْضًا أَنَّ النَّاسَ قَدْ كَانُوا أَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَى فَاطِمَةَ , وَفِيهِمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ لَحِقَ بِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ. فَقَدْ أَنْكَرَ عُمَرُ , وَأُسَامَةُ , وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ , مَعَ مَنْ سَمَّيْنَا مَعَهُمْ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ هَذَا , وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ , وَذَلِكَ مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ. فَدَلَّ تَرْكُهُمُ النَّكِيرَ فِي ذَلِكَ عَلَيْهِ , أَنَّ مَذْهَبَهُمْ فِيهِ كَمَذْهَبِهِ. فَقَالَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إِلَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ وَعَمِلُوا بِهِ: إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِنَّمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا خَالَفَتْ عِنْدَهُ كِتَابَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , يُرِيدُ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ «أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ» . فَهَذَا إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا , لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِيهِ الرَّجْعَةُ. وَفَاطِمَةُ كَانَتْ مَبْتُوتَةً لَا رَجْعَةَ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا , وَقَدْ قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا «إِنَّمَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى لِمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ الرَّجْعَةُ» وَمَا ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنْ ذَلِكَ , إِنَّمَا هُوَ فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ , وَفَاطِمَةُ لَمْ تَكُنْ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ. -[70]- فَمَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَدْفَعُهُ كِتَابُ اللهِ , وَلَا سُنَّةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ تَابَعَهَا غَيْرُهَا عَلَى ذَلِكَ , مِنْهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ. وَالْحَسَنُ
الصفحة 69