كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 3)
فقال لا تباع ولا توهب ولا تورث يستمتع بها ما بدا له فإذا مات فهي حرة رواه مالك والبيهقي وقال رفعه بعض الرواة فوهم وقال الدارقطني الصحيح وقفه على عمر ومثله قال عبدالحق قال صاحب الإلمام المعروف فيه الوقف الذي رفعه ثقة وفي الباب آثار عن الصحابة وقد أخرج الحاكم وابن عساكر وابن المنذر عن بريدة قال كنت جالسا عند عمر إذ سمع صائحا قال يا يرفأ أنظر ما هذا الصوت فنظر ثم جاء فقال جارية من قريش تباع أمها فقال عمر ادع لي المهاجرين والأنصار فلم يمكث ساعة حتى امتلأت الدار والحجرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فهل كان فيما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم القطيعة قالوا لا قال فإنها قد أصبحت فيكم فاشية ثم قرأ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} ثم قال وأي قطيعة أقطع من أن تباع أم امرىء منكم وقد أوسع الله لكم قالوا فاصنع ما بدا لك فكتب إلى الآفاق أن لا تباع أم حر فإنها قطيعة وإنه لا يحل فهذا ونحوه من الآثار والحديث دليل على أن الأمة إذا ولدت من سيدها حرم بيعها سواء كان الولد باقيا أولا وإلى هذا ذهب أكثر الأئمة وادعى الإجماع على المنع من بيعها جماعة من المتأخرين وأفاد الحافظ ابن كثير الكلام على هذه المسئلة في جزء مفرد قال وتلخص لي عن الشافعي فيها أربعة أقوال وفي المسئلة من حيث هي ثمانية أقوال وقد ذهب الناصر والإمامية وداود إلى جواز بيعها لما أفاده الحديث الآتي
12- وعن جابر رضي الله عنه قال: "كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا يرى بذلك بأسا" رواه النسائي وابن ماجه والدار قطني وصححه ابن حبان وأخرجه أحمد والشافعي والبيهقي وأبو داود والحاكم وزاد في زمن أبي بكر وفيه فلما كان عمر نهانا فانتهينا ورواه الحاكم من حديث أبي سعيد وإسناده ضعيف قال البيهقي: ليس في شيء من الطرق أنه صلى الله عليه وسلم يتحقق على ذلك وأقرهم عليه وترده رواية النسائي التي فيها والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا يرى بذلك بأسا واستدل القائلون بجواز بيعها أيضا بأنه صح عن علي عليه السلام أنه رجع عن تحريم بيعها إلى جوازه وأخرج عبدالرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة ا لسلماني المرادي قال سمعت عليا يقول اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يبعن ثم رأيت بعد ذلك أن يبعن الحديث وهو معدود في أصح الأسانيد وأجاب في الشرح عن هذه الأدلة بأنه يحتمل أن حديث جابر كان في أول الأمر وأن ما ذكر ناسخ وأيضا فإنه راجع إلى التقرير وما ذكر قول وعند التعارض القول أرجح قلت ولا يخفى ضعف هذا الجواب لأنه لا نسخ بالاحتمال فللقائل بجواز بيعها أن يقلب الاستدلال ويقول يحتمل أن حديث ابن عمر كان أول الأمر ثم نسخ بحديث جابر وإن كان احتمالا بعيدا عند قوله إن حديث جابر راجع إلى التقرير وحديث ابن عمر قول والقول أرجح عند التعارض يقال عليه القول
الصفحة 12
272