كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 3)
وذهب قوم إلى أنه يختص هذا الحكم بالطعام لا غيره من المبييعات وذهب أبو حنيفة إلى أنه يختص ذلك بالمنقول دون غيره لحديث زيد بن ثابت فإنه في السلع والجواب أن ذكر حكم الخاص لا يخص به العام وحديث حكيم عام فالعمل عليه وإليه ذهب الجمهور وأنه لا يجوز البيع للمشتري قبل القبض مطلقا وهو الذي دل له حديث حكيم واستنبطه ابن عباس
فائدة أخرج الدارقطني من حديث جابر "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري" ونحوه للبزار من حديث أبي هريرة بإسناد حسن فدل على أنه "إذا اشترى الشيء مكايلة وقبضه ثم باعه لم يجز تسليمه بالكيل الأول حتى يكيله على من اشتراه ثانيا" وبذلك قال الجمهور وقال عطاء: يجوز بيعه بالكيل الأول وكأنه لم يبلغه الحديث ولعل علة الأمر بالكيل ثانيا لتحقق ما يجوز من النقص بإعادة الكيل لإذهاب الخداع وحديث الصاعين دليل على أنه لا يجوز بيع الجزاف إلا أن في حديث ابن عمر أنهم كانوا يبتاعون الطعام جزافا ولفظه كنا نشتري الطعام من الركبان جزافا فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيعه حتى ننقله أخرجه الجماعة إلا الترمذي قال ابن قدامة يجوز بيع الصبرة جزافا لا نعلم فيه خلافا وإذا ثبت جواز بيع الجزاف حمل حديث الصاعين على أن المراد أنه إذا اشترى الطعام كيلا وأريد بيعه فلا بد من إعادة كيله للمشتري
19- وعنه أي أبي هريرة قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة" رواه أحمد والنسائي وصححه الترمذي وابن حبان ولأبي داود من حديث أبي هريرة "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا" قال الشافعي له تأويلان أحدهما أن يقول بعتك بألفين نسيئة وبألف نقدا فأيهما شئت أخذت به وهذا بيع فاسد لأنه إيهام وتعليق والثاني أن يقول بعتك عبدي على أن تبيعني فرسك انتهى وعلة النهي على الأول عدم استقرار الثمن ولزوم الربا عند من يمنع بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء وعلى الثاني لتعليقه بشرط مستقبل يجوز وقوعه وعدم وقوعه فلم يستقر الملك وقوله فله أوكسهما أو الربا يعني أنه إذا فعل ذلك فهو لا يخلو عن أحد الأمرين إما الأوكس الذي هو أخذ الأقل أو الربا وهذا مما يؤيد التفسير الأول
20- وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح مالم يضمن ولا بيع ما ليس عندك" رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم وأخرجه أي الحاكم في علوم الحديث من رواية أبي حنيفة عن عمرو المذكور بلفظ نهى عن بيع وشرط ومن هذا الوجه يعني الذي أخرجه الحاكم أخرجه الطبراني في الأوسط وهو غريب وقد رواه جماعة واستغربه النووي والحديث اشتمل على أربع صور نهى عن البيع على صفتها الأولى سلف وبيع وصورة ذلك حيث يريد الشخص أن يشتر سلعة بأكثر
الصفحة 16
272