كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 3)
إلى المكان الذي يختص به وأما نقله من مكان إلى مكان لا يختص به فعند الجمهور أن ذلك قبض وفصل الشافعي فقال إن كان مما يتناول باليد كالدرهم والثوب فقبضه نقل وما ينقل في العادة كالأخشاب والحبوب والحيوان فقبضه بالنقل إلى مكان آخر وما كان لا ينقل كالعقار والثمر على الشجر فقبضه بالتخلية قوله فلما استوجبته في رواية أبي داود استوفيته وظاهر اللفظ أنه قبضه ولم يكن قد حازه إلى رحله ويدل له قوله نهى أن تباع السلعة حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم
23- وعنه أي ابن عمر قال: قلت يا رسول الله إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير آخذ هذا من هذا وأعطي هذا من هذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها مالم تفترقا وبينكما شيء" رواه الخمسة وصححه الحاكم هو دليل على أنه يجوز أن يقضى عن الذهب بالفضة وعن الفضة الذهب لأن ابن عمر كان يبيع بالدنانير فيلزم المشتري في ذمته له دنانير وهي الثمن ثم يقبض عنها الدراهم وبالعكس وبوب أبو داود باب اقتضاء الذهب عن الورق ولفظه كنت أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير وأنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها مالم تفترقا وبينكما شيء وفيه" دليل على أن النقدين حاضرين والحاضر أحدهما فبين صلى الله عليه وسلم الحكم بأنهما إذا فعلا ذلك فحقه أن لا يفترقا إلا وقد قبض ما هو لازم عوض ما في الذمة فلا يجوز أن يقبض البعض من الذهب ويبقى البعض في ذمة من عليه الدنانير عوضا عنها ولا العكس لأن ذلك من باب الصرف طاعة فيه أن لا يفترقا وبينهما شيء وأما قوله في رواية أبي داود بسعر يومها فالظاهر شرط وإن كان في الواقع يدل على ذلك قوله "فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد"
24 - وعنه أي ابن عمر قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش" بفتح النون وسكون الجيم بعدها شين معجمة متفق عليه النجش لغة تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد وفي الشرع الزيادة في ثمن السلعة المعروضة للبيع لا ليشتريها بل ليغر بذلك غيره وسمي الناجش في السلعة ناجشا لأنه يثير الرغبة فيها ويرفع ثمنها قال ابن بطال أجمع العلماء على أن الناجش عاص بفعله واختلفوا في البيع إذا وقع على ذلك فقال طائفة من أئمة الحديث البيع فاسد وبه قال أهل الظاهر وهو المشهور في مذهب الحنابلة ورواية عن مال إلا أن الحنابلة يقولون بفساده إن كان مواطأة من البائع أو منه وقال المالكية يثبت له الخيار وهو قول الهادوية قياسا على المصراة والبيع صحيح عندهم وعند الحنفية قالوا لأن النهي عائد إلى أمر مفارق للبيع وهو قصد الخداع فلم يقتض الفساد وأما ما نقل عن ابن عبد البر وابن العربي وابن حزم أن التحريم إذا كانت الزيادة المذكورة فوق ثمن المثل فلو أن رجلا رأى سلعة تباع بدون قيمتها فزاد فيها لتنتهي إلى قيمتها لم يكن ناجشا عاصيا بل يؤجر على ذلك بنيته قالوا لأن ذلك من النصيحة فهو مردود بأن النصيحة تحصل
الصفحة 18
272