كتاب سبل السلام - البابي الحلبي (اسم الجزء: 3)
في ذلك فذهب أبو حنيفة إلى أنه ينعقد مع العصيان قالوا والأمر بالارتجاع للغلامين يحتمل أنه بعقد جديد برضا المشتري فائدة في التفريق بين البهيمة وولدها وجهان لا يصح لنهيه صلى الله عليه وسلم عن تعذيب البهائم ويصح قياسا على الذبح وهو الأولى
32- وعن أنس رضي الله عنه قال غلا السعر الغلاء ممدود وهو ارتفاع السعر على معتاده في المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس يا رسول الله غلا السعر فسعر لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله هو المسعر" يعني يفعل ذلك هو وحده بإرادته "القابض" أي المقتر "الباسط" الموسع مأخوذ من قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ } " الرازق إني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال" رواه الخمسة إلا النسائي وصححه ابن حبان وأخرجه ابن ماجه والدارمي والبزار وأبو يعلى من حديث أنس وإسناده على شرط مسلم وصححه الترمذي والحديث دليل على أن التسعير مظلمة وإذا كان مظلمة فهو محرم وإلى هذا ذهب أكثر العلماء وروي عن مالك أنه يجوز التسعير ولو في القوتين والحديث دال على تحريم التسعير لكل متاع وإن كان سياقه في خاص وقال المهدي: إنه استحسن الأئمة المتأخرون تسعير ما عدا القوتين كاللحم والسمن رعاية لمصلحة الناس ودفع الضرر عنهم وقد استوفينا الكلام في هذه المسألة في منحة الغفار وبسطنا القول هناك بما لا مزيد عليه
33- وعن معمر بن عبدالله هو بفتح الميم وسكون العين وفتح الميم ويقال له معمر بن أبي معمر أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة وتأخرت هجرته إلى المدينة ثم هاجر إليها وسكن بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يحتكر إلا خاطئ" بالهمزة هو العاصي الآثم رواه مسلم وفي الباب أحاديث دالة على تحريم الاحتكار وفي النهاية على قوله صلى الله عليه وسلم "من احتكر طعاما" قال أي اشتراه وحبسه ليقل فيغلو وظاهر حديث مسلم تحريم الاحتكار للطعام وغيره إلا أن يدعي أنه لا يقال احتكر إلا في الطعام وقد ذهب أبو يوسف إلى عمومه فقال كل ما أضر بالناس حبسه فهو احتكار وإن كان ذهبا أو ثيابا وقيل لا احتكار إلا في قوت الناس وقوت البهائم وهو قول الهادوية والشافعية ولا يخفى أن الأحاديث الواردة في منع الاحتكار وردت مطلقة ومقيدة بالطعام وما كان من الأحاديث على هذا الأسلوب فإنه عند الجمهور لا يقيد فيه الملطق بالمقيد لعدم التعارض بينهما بل يبقى المطلق على إطلاقه وهذا يقتضي أنه يعمل بالمطلق في منع الاحتكار مطلقا ولا يقيد بالقوتين إلا على رأي أبي ثور وقد رده أئمة الأصول وكأن الجمهور خصوه بالقوتين نظرا إلى الحكمة المناسبة للتحريم وهي دفع الضرر عن عامة الناس والأغلب في دفع الضرر عن العامة إنما يكون في القوتين فقيدوا الإطلاق بالحكمة المناسبة أو أنهم قيدوه بمذهب الصحابي الراوي فقد أخرج مسلم عن سعيد بن المسيب أنه كان يحتكر
الصفحة 25
272