"البائع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله" رواه الخمسة إلا ابن ماجه ورواه الدارقطني وابن خزيمة وابن الجارود وفي رواية "حتى يتفرقا عن مكانهما" وبحديث أبي داوود عن ابن عمرو بلفظ "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله" قالوا فقوله أن يستقيله دال على نفوذ البيع فقد أجيب عنه بأن الحديث دليل خيار المجلس أيضا لقوله بالخيار ما لم يتفرقا وأما قوله أن يستقيله فالمراد به الفسخ لأنه لو أريد الاستقالة حقيقة لم يكن للمفارقة معنى فتعين حملها على الفسخ وعلى ذلك حمله الترمذي وغيره من العلماء فقالوا معناه لا يحل له أن يفارقه بعد البيع خشية أن يختار فسخ البيع فالمراد بالاستقالة فسخ النادم وحملوا نفي الحل على الكراهة لأنه لا يليق بالمروءة وحسن معاشرة المسلم لا أن اختيار الفسخ حرام وأما ما روي عن ابن عمر أنه كان إذا بايع رجلا فأراد أن يتم بيعه قام يمشي هنيهة فرجع إليه فإنه محمول على أن ابن عمر لم يبلغه النهي وقال ابن حزم حمل حديث ابن عمرو هذا على التفرق بالأقوال تذهب معه فائدة الحديث لأنه يلزم معه حل التفرق سواء خشي أن يستقيله أو لا لأن الإقالة تصح قبل التفرق وبعده قال ابن عبد البر قد أكثر المالكية والحنفية من الكلام برد الحديث بما المطلوب ذكره وأكثره لا يحصل منه شيء وإذا ثبت لفظ مكانهما لم يبق للتأويل مجال وبطل بطلانا ظاهرا حمله على تفرق الأقوال
3- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال "ذكر رجل" هو حبان بفتح الحاء بن منقذ المهملة والباء الموحدة "للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة" بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام وبموحدة أي لا خديعة متفق عليه زاد ابن إسحاق في رواية يونس بن بكير وعبد الأعلى عنه "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال فإن رضيت فأمسك وإن سخطت فاردد" فبقي ذلك الرجل حتى أدرك زمان عثمان وهو ابن مائة وثلاثين سنة فكثر الناس في زمان عثمان فكان إذا اشترى شيئا فقيل له إنك غبنت فيه رجع فيشهد له رجل من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له الخيار ثلاثا فيرد له دراهمه والحديث دليل على خيار الغبن في البيع والشراء إذا حصل الغبن واختلف فيه العلماء على قولين الأول ثبوت الخيار بالغبن وهو قول أحمد ومالك ولكن إذا كان الغبن فاحشا لمن لا يعرف ثمن السلعة وقيده بعض المالكية بأن يبلغ الغبن ثلث القيمة ولعلهم المثناة التقييد مما علم من أنه لا يكاد يسلم أحد من مطلق الغبن في غالب الأحوال ولأن القليل يتسامح به في العادة وأنه من رضى بالغبن بعد معرفته فإن ذلك لا يسمى غبنا وإنما يكون من باب التساهل في البيع الذي أثنى صلى الله عليه وسلم على فاعله وأخبر أن الله يحب الرجل سهل البيع سهل الشراء وذهب الجماهير من العلماء