كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 3)

لأمره. محفود محشود لا عابس ولا معتد [1] فَقَالَ- يَعْنِي بَعْلَهَا-: هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ قُرَيْشٍ الَّذِي تَطْلُبُ، وَلَوْ صَادَفْتُهُ لَالْتَمَسْتُ أَنْ أَصْحَبَهُ، وَلَأَجْهَدَنَّ إِنْ وَجَدْتُ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، قَالَ وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكَّةَ عَالٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ يَسْمَعُونَهُ وَلَا يَرَوْنَ مَنْ يَقُولُ وَهُوَ يَقُولُ:
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ ... رَفِيقَيْنِ حَلَّا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
هُمَا نَزَلَا بِالْبِرِّ وَارْتَحَلَا بِهِ [2] ... فَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمَّدِ
فَيَالَ قُصَيٍّ مَا زَوَى اللَّهُ عَنْكُمُ ... بِهِ مِنْ فِعَالٍ لَا تُجَارَى وَسُؤْدُدِ
سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا ... فَإِنَّكُمْ إِنْ تَسْأَلُوا الشَّاةَ تَشْهَدِ
دَعَاهَا بِشَاةٍ حَائِلٍ فَتَحَلَّبَتْ ... لَهُ بِصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشَّاةِ مُزْبِدِ [3]
فَغَادَرَهُ رَهْنًا لَدَيْهَا لِحَالِبٍ ... يَدُرُّ لَهَا فِي مَصْدَرٍ ثُمَّ مَوْرِدِ
قَالَ وَأَصْبَحَ النَّاسُ- يَعْنِي بِمَكَّةَ- وَقَدْ فَقَدُوا نَبِيَّهُمْ، فَأَخَذُوا عَلَى خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدٍ حَتَّى لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
لَقَدْ خَابَ قَوْمٌ زال عنهم نبيهم [4] ... وقد سر [5] مَنْ يَسْرِي إِلَيْهِمْ وَيَغْتَدِي
تَرَحَّلَ عَنْ قَوْمٍ فَزَالَتْ عُقُولُهُمْ ... وَحَلَّ عَلَى قَوْمٍ بِنُورٍ مُجَدَّدِ
[هداهم به بعد الضلالة ربهم ... وأرشدهم من يتبع الحق يرشد [6]]
وَهَلْ يَسْتَوِي ضُلَّالُ قَوْمٍ تَسَفَّهُوا ... عَمًى وَهُدَاةٌ يَهْتَدُونَ بِمُهْتَدِ
نَبِيٌّ يَرَى مَا لَا يَرَى النَّاسُ حَوْلَهُ ... وَيَتْلُو كِتَابَ اللَّهِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
وَإِنْ قَالَ فِي يَوْمٍ مَقَالَةَ غَائِبٍ ... فَتَصْدِيقُهَا فِي الْيَوْمِ أَوْ فِي ضُحَى الْغَدِ
لِيَهْنِ أَبَا بَكْرٍ سَعَادَةُ جَدِّهِ ... بِصُحْبَتِهِ مَنْ يسعد الله يسعد
ويهن بنى كعب مسكان فَتَاتِهِمْ ... وَمَقْعَدُهَا لِلْمُسْلِمِينَ بِمَرْصَدِ
[7] قَالَ- يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ وَهْبٍ- فَبَلَغَنِي أَنَّ أَبَا مَعْبَدٍ أَسْلَمَ وَهَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم. وهكذا
__________
[1] في أصل المصرية: ولا مفند وفي الحلبية مهمل من النقط والتصحيح من الخشنيّ في غريب السيرة.
[2] كذا بالأصلين، وفي ابن هشام: هما نزلا بالبر ثم تروحا. وفي السهيليّ: ثم ترحلا.
[3] كذا بالمصرية والسهيليّ والنهاية وفيها: الضرة أصل الضرع، وفي ح: لديه بضرع ثرة الشاة مزبد. والثرة كثرة اللبن.
[4] الّذي في السهيليّ: غاب بدل زال، وضلت عقولهم بدل زالت.
[5] في الأصلين وفي السهيليّ: وقد سر، والّذي في شرح السيرة للخشنى: وقدس وفسره بمعنى طهر.
[6] هذا البيت زدناه من السهيليّ ولم يرد في الأصل.
[7] هذا البيت أورده السهيليّ في الأبيات التي قبلها ونسبها إلى رجل من الجن ولم يورده لحسان.

الصفحة 193