كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 3)

عَنْ عُرْوَةَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فاللَّه أَعْلَمُ أَيُّ ذَلِكَ كَانَ. قَالَ الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلَ ابْنَ الْحَضْرَمِيِّ وَحَرَّمَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ كَمَا كَانَ يُحَرِّمُهُ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَةٌ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي غَزْوَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ جَوَابًا لِلْمُشْرِكِينَ فِيمَا قَالُوا مِنْ إِحْلَالِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ هِيَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ:
تَعُدُّونَ قَتْلًا فِي الْحَرَامِ عَظِيمَةً ... وَأَعْظَمُ مِنْهُ لَوْ يَرَى الرُّشْدَ رَاشِدُ
صُدُودُكُمْ عَمَّا يَقُولُ مُحَمَّدٌ ... وَكُفْرٌ بِهِ وَاللَّهُ رَاءٍ وَشَاهِدُ
وَإِخْرَاجُكُمْ مِنْ مَسْجِدِ اللَّهِ أَهْلَهُ ... لِئَلَّا يُرَى للَّه فِي الْبَيْتِ سَاجِدُ
فَإِنَّا وَإِنْ عَيَّرْتُمُونَا بِقَتْلِهِ ... وَأَرْجَفَ بِالْإِسْلَامِ بَاغٍ وَحَاسِدُ
سَقَيْنَا من ابن الحضرميّ رماحنا ... ينخلة لَمَّا أَوْقَدَ الْحَرْبَ وَاقِدُ
دَمًا وَابْنُ عَبْدِ الله عثمان بيننا ... ينازعه غل من القيد عَانِدُ
فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر
وقال بَعْضُهُمْ كَانَ ذَلِكَ فِي رَجَبٍ مِنْ سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ كَمَا سَيَأْتِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقِيلَ فِي شَعْبَانَ مِنْهَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ غَزْوَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ:
وَيُقَالُ صُرِفَتِ الْقِبْلَةُ فِي شَعْبَانَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ جَرِيرٍ من طريق السدي فسنده عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَنَاسٍ مِنَ الصحابة. قال الجمهور الأعظم: إنما صُرِفَتْ فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنَ الْهِجْرَةِ. ثُمَّ حَكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهَا حُوِّلَتْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ النِّصْفَ مِنْ شَعْبَانَ، وَفِي هَذَا التَّحْدِيدِ نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي التَّفْسِيرِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا الله بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ 2: 144. وَمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا مِنِ اعْتِرَاضِ سُفَهَاءِ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ وَالْجَهَلَةِ الطَّغَامِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ أول نسخه وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ هَذَا وَقَدْ أَحَالَ اللَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ الْقُرْآنِ تَقْرِيرَ جَوَازِ النَّسْخِ عِنْدَ قَوْلِهِ؟ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ، أو ننسؤها [1] 2: 106؟ نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ الله عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 2: 106 وقد قال البخاري حدثنا أبو نعيم
__________
[1] كذا في الأصلين: ننسؤها وهي قراءة أبى عمرو. وقراءة حفص ننسها.

الصفحة 252