كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 3)

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ قُرَادٌ ثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ثَنَا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَنَيِّفٌ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ ثُمَّ قَالَ:
«اللَّهمّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهمّ إِنَّ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَا تُعْبَدُ بَعْدُ فِي الْأَرْضِ أبدا» فما زال يستغيث بربه وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ. فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فاخذ رداءه فرده ثم التزمه من مِنْ وَرَائِهِ ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَفَاكَ [1] مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ 8: 9 وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ الْيَمَانِيِّ وَصَحَّحَهُ على ابن الْمَدِينِيِّ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَهَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ ابن عباس والسدي وابن جرير وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأُمَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ عَجُّوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الِاسْتِغَاثَةِ بِجَنَابِهِ وَالِاسْتِعَانَةِ بِهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ 8: 9 أَيْ رِدْفًا لَكُمْ وَمَدَدًا لِفِئَتِكُمْ رَوَاهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ وَابْنُ كَثِيرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ أَبُو كدينة عن قابوس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (مُرْدِفِينَ) وَرَاءَ كُلِّ مَلَكٍ مَلَكٌ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ (مُرْدِفِينَ) بَعْضُهُمْ عَلَى أَثَرِ بَعْضٍ وَكَذَا قَالَ أَبُو ظَبْيَانَ وَالضَّحَاكُ وَقَتَادَةُ. وَقَدْ رَوَى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَأَمَدَّ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَالْمُؤْمِنِينَ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَكَانَ جِبْرِيلُ فِي خَمْسِمِائَةِ مُجَنِّبَةٍ، وَمِيكَائِيلُ فِي خَمْسِمِائَةٍ مُجَنِّبَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. وَلَكِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعُزَيْزِ بن عمران عن الربعي عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ. قَالَ: نَزَلَ جِبْرِيلُ فِي أَلْفٍ من الملائكة على مَيْمَنَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهَا أَبُو بَكْرٍ، وَنَزَلَ مِيكَائِيلُ فِي أَلْفٍ مِنَ الملائكة على مَيْسَرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْمَيْسَرَةِ. وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَلِيٍّ فَزَادَ: وَنَزَلَ إِسْرَافِيلُ فِي أَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ طَعَنَ يَوْمَئِذٍ بِالْحَرْبَةِ حَتَّى اخْتَضَبَتْ إِبِطُهُ مِنَ الدِّمَاءِ، فَذَكَرَ أَنَّهُ نَزَلَتْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهَذَا غَرِيبٌ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ فِيهِ تَقْوِيَةٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَقْوَالِ وَيُؤَيِّدُهَا قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ 8: 9 بِفَتْحِ الدَّالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَخْبَرَنَا الْحَاكِمُ أَخْبَرَنَا الْأَصَمُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَزَّازُ ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ أَبُو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ أخبرنى إسماعيل بن عوف بن عبد اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عن جده. قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَاتَلْتُ شَيْئًا من قتال، ثم جئت
__________
[1] في الحلبية: كذلك، وفي المصرية: كذلك. والتصحيح من إنسان العيون.

الصفحة 275