كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 3)

بَدْرٍ وَإِنَّ أَحَدَنَا لَيُشِيرُ إِلَى رَأْسِ الْمُشْرِكِ فَيَقَعُ رَأْسُهُ عَنْ جَسَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ السَّيْفُ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي وَالِدِي حَدَّثَنِي رِجَالٌ مِنْ بَنِي مَازِنٍ عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ قَالَ إِنِّي لَأَتْبَعُ رَجُلًا مِنَ المشركين لِأَضْرِبَهُ فَوَقَعَ رَأْسُهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ سَيْفِي فَعَرَفْتُ أَنَّ غَيْرِي قَدْ قَتَلَهُ. وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التَّيْمِيِّ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ. قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَعْرِفُونَ قَتْلَى الْمَلَائِكَةِ مِمَّنْ قَتَلُوهُمْ بِضَرْبٍ فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَعَلَى الْبَنَانِ مِثْلَ سِمَةِ النَّارِ وَقَدْ أُحْرِقَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ مِقْسَمٍ عَنِ ابن عباس. قال: كانت سيماء الملائكة يوم بدر عمائم بيض قَدْ أَرْخَوْهَا عَلَى ظُهُورِهِمْ إِلَّا جِبْرِيلَ فَإِنَّهُ كَانَتْ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَمْ تُقَاتِلِ الْمَلَائِكَةُ فِي يَوْمٍ سِوَى يَوْمِ بَدْرٍ مِنَ الْأَيَّامِ، وَكَانُوا يَكُونُونَ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَيَّامِ عُدَدًا وَمَدَدًا لَا يَضْرِبُونَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَوْلًى لِسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو سَمِعْتُ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: لَقَدْ رَأَيْتُ يَوْمَ بَدْرٍ رِجَالًا بِيضًا عَلَى خَيْلٍ بُلْقٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ مُعْلِمِينَ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ. وَكَانَ أَبُو أُسَيْدٍ يُحَدِّثُ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ بَصَرُهُ. قَالَ:
لَوْ كُنْتُ مَعَكُمُ الْآنَ بِبَدْرٍ وَمَعِي بَصَرِي، لَأَرَيْتُكُمُ الشِّعْبَ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ لَا أَشُكُّ وَلَا أَمْتَرِي. قَالَ وَحَدَّثَنِي خَارِجَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ: «مَنِ الْقَائِلُ يَوْمَ بَدْرٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَقْدِمْ حَيْزُومُ؟» فَقَالَ جِبْرِيلُ يَا مُحَمَّدُ مَا كُلَّ أَهْلِ السَّمَاءِ أَعْرِفُ. قُلْتُ: وَهَذَا الْأَثَرُ مُرْسَلٌ، وَهُوَ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ حَيْزُومَ اسْمُ فَرَسِ جِبْرِيلَ كَمَا قَالَهُ السُّهَيْلِيُّ وَغَيْرُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى عَنْ حَمْزَةَ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ فَمَا أَدْرِي كَمْ يَدٍ مَقْطُوعَةٍ وَضَرْبَةٍ جَائِفَةٍ لَمْ يَدْمَ كَلْمُهَا قَدْ رَأَيْتُهَا يَوْمَ بَدْرٍ. وَحَدَّثَنِي محمد بن يحيى عن أبى عقيل عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ قَالَ جِئْتُ يَوْمَ بَدْرٍ بِثَلَاثَةِ أَرْؤُسٍ فَوَضَعْتُهُنَّ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَمَّا رَأْسَانِ فَقَتَلْتُهُمَا، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رجلا طويلا [قتله] فَأَخَذْتُ رَأْسَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ذَاكَ فُلَانٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ» وَحَدَّثَنِي مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ: كَانَ السَّائِبُ بْنُ أَبِي حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ فِي زَمَنِ عُمَرَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا أَسَرَنِي أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ فَمَنْ؟ يَقُولُ لَمَّا انهزمت قريش انهزمت معها فأدركني رجل أشعر طويل على فرس أبيض فَأَوْثَقَنِي رِبَاطًا وَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَوَجَدَنِي مَرْبُوطًا فَنَادَى فِي الْعَسْكَرِ مَنْ أَسَرَ هَذَا؟ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ أَسَرَكَ قُلْتُ لَا أَعْرِفُهُ وَكَرِهْتُ أَنْ أُخْبِرَهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَسَرَكَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ» اذْهَبْ يَا ابن عوف بأسيرك. وقال الواقدي حدثني عابد بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الْحُوَيْرِثِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ أُكَيْمَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ لقد رأيتنا يوم بدر وقد وقع بِجَادٌ مِنَ السَّمَاءِ قَدْ سَدَّ الْأُفُقَ فَإِذَا الوادي يسيل نهلا فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّ هَذَا شَيْءٌ مِنَ السَّمَاءِ أُيِّدَ بِهِ مُحَمَّدٌ، فَمَا كَانَتْ إِلَّا الهزيمة ولقىّ الملائكة

الصفحة 281