كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 3)

أن يكونَ الجلوس حَصَل منه عَلى العَادَة أن قلنا: إنهُ في سن يحبو فيه كما في قصة الحسَن، والأول أظهر؛ لأنه قال في الروَايَة: فأجْلسَهُ. ولم يقل فجلسَ أي: هُوَ. (فِي حجْرِهِ) بفتح الحاء وكسْرهَا لُغَتَان مَشهورتان الفتح، أشهر، وفيه فضيلة التواضمع وحُسن المعَاشرة مَعَ النساء والرجَال والرفق بالأطفال ونحوهمُ ممن لا تمييز له.
(فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ) أي: ثوب النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وأغرب ابن شعَبان مِن المالكية فقال المراد به ثوب الصَبي (¬1) والصوابُ الأول؛ لأن المراد لو كان ثَوب الصبي لأمَرهَا بنضحه، كما أمر في بَول الأعرابي أن يتبَع بَوله بذَنوب مِن ماء (¬2).
(فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ) ولمُسلم عَن ابن شهاب: "فلم يزد على أن نضَح بالماء" (¬3) ولهُ من طَريق أُخرى فَرَشَّه زَادَ أبو عوَانة في "صحيحه": عَليْه (¬4) ولا تخالف بَينَ الروَايتَين أي: بَين "نَضَحَ" و"رَشَّ"، لأنهما بمَعنى واحد أو (¬5) المراد أن الابتداء كانَ بالرش، وهو تنقيط الماء عليه، ثم انتهى إلى النضح وهو صَب الماء، ويُؤيدهُ روَايَة مُسْلم في حَديث عَائشة مِنْ طَريق جرير عَن هشام: "فدَعَا بماء فصَبه عَليه" (¬6). ولأبي عوَانة: "فصَبهُ على
¬__________
(¬1) "تنوير الحوالك" للسيوطي (ص 64).
(¬2) أخرجه البخاري (220) وغيره من حديث أبي هريرة وغيره - رضي الله عنه -. وسيأتي تخريجه مفصلًا.
(¬3) "صحيح مسلم" (287) (103).
(¬4) "صحيح أبي عوانة" (519).
(¬5) في (ص، س، م): و.
(¬6) "صحيح مسلم" (286) (102).

الصفحة 47