كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 3)
مكتوم أو لم يتفرغ لذلك، أو استخلفه لبيان الجواز، وأما إمامة عتبان بن مالك لقومه فلعله لم يكن في قومه في مثل حاله بصير، ويؤخذ من الحديث أنه لو اجتمع حر ضرير وعبد بصير فالحر الضرير أولى؛ لأن ابن أم مكتوم لما استخلفه النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقتدي به جمع من العبيد البصراء (وهو أعمى) ولفظ أحمد: كان يصلي بهم وهو أعمى (¬1). ورواه ابن حبان في "صحيحه" (¬2).
وفي الحديث على أن الإمام الأعظم لا يستخلف إلا عن ضرورة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرد عنه فيما بلغنا أنه استخلف إلا في غيبته في غزواته وفي مرضه لما قال: "مروا أبا بكرٍ فليصل بالناس" (¬3) وفي غيبته، وأما مع حضوره وقدرته على الحضور إلى المسجد فلم يرد عنه ولو كان جائزًا لفعله مرة واحدة للجواز [أو بينته الأئمة] (¬4)، وكذا من ارتضاه جماعة المسجد وقدموه لإمامتهم، وعلى هذا فالأولى بعدم الجواز الإمام الذي يأخذ جعلًا على الإمامة، فإذا استخلف في حضوره مع قدرته لا يجوز له ولا يستحق شيئًا من المعلوم؛ لأنهم قالوا: إن الإمامة من باب الجعالة فمتى فعل استحق المعلوم وإلا فلا. والله - سبحانه وتعالى - أعلم.
¬__________
(¬1) "مسند أحمد" 3/ 192.
(¬2) "صحيح ابن حبان" (2134) من حديث عائشة.
(¬3) طرف حديث أخرجه البخاري (682)، وغيره.
(¬4) في (م): أي بينه للأئمة. وفي (س): أو بينه الأئمة.
الصفحة 662
704