كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 3)
من أفعاله إلينا، فأما النية فمغيبة عنا، ومحال أن نؤمر باتباعه فيما يخفى علينا من أفعاله، قالوا: وفي الحديث نفسه ما يدل على ذلك فإنه قال: "فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا" (¬1)، ويدل على هذا التأويل أيضًا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" (¬2) فنهى أصحابه وسائر أمته أن يشتغلوا بنافلة وقد أقيمت الصلاة، فكيف يظن بمعاذ أن يترك صلاة لم يصلها بعد، وهي مفروضة عليه ويتنفل، وتلك الصلاة تقام في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قد قال: "لا صلاة إلا المكتوبة" التي تقام (¬3).
(فإذا كبر فكبروا) وفي رواية لمسلم: "لا تبادروا الإمام، إذا كبر فكبروا" (¬4) وجزم ابن بطال وابن دقيق العيد أن الفاء في قوله: "فكبروا" للتعقيب. قالوا: ومقتضاه الأمر بأن أفعال المأموم تقع عقب فعل الإمام، ولو سبق إمامه بتكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته، وهي ركن أو شرط، وخرج المالكية على هذا الإحرام قبل دخول الوقت أو غيره، وتعقب القول بالتعقيب بالفاء (¬5) التي للتعقيب هي العاطفة، وأما التي هنا فهي للربط فقط؛ لأنها وقعت جوابًا للشرط فعلى هذا لا يقتضي تأخر أفعال المأموم عن الإمام إلا (¬6) على القول بتقديم الشرط
¬__________
(¬1) سيأتي تخريجه لاحقًا إن شاء الله.
(¬2) سقط من (م).
(¬3) "صحيح مسلم" (415) (87).
(¬4) في (م): بأن الفاء.
(¬5) في (م): لا.
(¬6) من (س). وفي بقية النسخ: ينبغي.
الصفحة 688
704