كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 3)

هو ظاهر الحديث.
والمسألة فيها مذاهب: أحدها هذا، وبه قال من الصحابة جابر وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهْد بفتح القاف وإسكان الهاء، وبه أفتى جابر بن زيد أبو الشعثاء، وهو من سادات التابعين، وهو قول الأوزاعي [في شعبة] (¬1) ومذهب مالك بن أنس ومقلديه، واختيار أحمد بن حنبل في موافقته، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وأبي أيوب الهاشمي وأبي خيثمة وأبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن إسماعيل البخاري ومن تبعه من أئمة أصحاب الحديث، وهو اختيار محمد بن نصر ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، حكى هذا كله (¬2) ابن حبان (¬3)، وقال به سائر مشايخنا. قال: ويلزم بعض أئمتنا -يعني: الشافعي - رضي الله عنه - القول به ضرورة على مذهبه، وذلك أن عنده أن الصحابة إذا أفتى واحد منهم بشيء ولم يوجد له خلاف من سائر الصحابة كان ذلك القول إجماعًا يلزم قبوله، وقد أفتى من الصحابة أربعة أن الإِمام إذا صلى قاعدًا يجب على المأمومين أن يصلوا قعودًا كما تقدم، ولم يرو عن أحد من الصحابة لا بسند صحيح ولا واهٍ خلاف لهؤلاء، فكأن الصحابة أجمعوا على ذلك، ويلزمه من جهة أخرى وذلك أن عنده أن التابعي إذا أفتى بشيء ثم لم يخالف فيه من أقرانه أن ذلك القول إجماع.
وقد أفتى بهذا القول أبو الشعثاء جابر بن زيد وهو من سادات
¬__________
(¬1) هكذا في جميع النسخ.
(¬2) في (ص): غلة. والمثبت من (س، ل). وليست في (م).
(¬3) "صحيح ابن حبان" 5/ 462.

الصفحة 691