كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 3)
التابعين بالبصرة ولم يخالفه أحد من التابعين ولا روي عن (¬1) أحد من التابعين لا بسندٍ صحيح ولا واهٍ خلاف له، فكأن التابعين أيضًا قد أجمعوا على أن الإِمام إذا صلى قاعدًا [أن يصلوا] (¬2) خلفه قعودًا. ويلزمه من جهة ثالثة، وذلك أنه عمد إلى الخبرين المرويين في نكاح ميمونة فقبل أحدهما إذ هو موافق لنهي المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المحرم وإنكاحه، وقد روي عنه في صلاته خبران تضادا في الظاهر كما تضاد الخبران في نكاح ميمونة في الظاهر، فيجب على مقالته أن يأخذ أحدهما؛ إذ هو موافق لأمر المصطفى المأمومين أن يصلوا قعودًا إذا صلى إمامهم جالسًا، فمن أتى (¬3) ما وصفت فقد باعد الإنصاف.
قال: ولا يظن أن هذا مضاد (¬4) لقول الشافعي، وإن كان المشهور في كتبه (¬5) خلافه؛ لأن كل ما يصح من الحديث فهو قوله، وذلك أني سمعت ابن خزيمة يقول: سمعت المزني يقول: سمعت الشافعي يقول: إذا صحّ لكم الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فخذوا به ودعوا قولي (¬6).
والقول الثاني قول أبي حنيفة والثوري وأبي ثور، وإحدى الروايتين عن مالك قال النووي: وهو قول الشافعي وجمهور السلف أنه لا يجوز
¬__________
(¬1) من (س، ل، م).
(¬2) في (س): فصلوا.
(¬3) في (م): أين.
(¬4) من (م)، وفي باقي النسخ: مضاف.
(¬5) في (ص، ل): شبه.
(¬6) "صحيح ابن حبان" 5/ 497.
الصفحة 692
704