كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 3)

صلاة القادر خلفه إلا قائمًا (¬1)، ولو صلى إمامه جالسًا، والقول الثالث وهو رواية عن مالك أنه لا يجوز إمامة المجالس أصلًا لا للقائمين ولا للجالسين.
(قال أبو داود: اللهم ربنا لك الحمد) بغير واو (أفهمني بعض أصحابنا، عن سليمان) بن حرب (ثنا محمد بن آدم المصيصي، قال: ثنا أبو خالد) سليمان بن حيان الأحمر.
(عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: إنما جعل الإِمام ليؤتم به) يحتمل أن يكون جعل بمعنى سمي؛ لقوله تعالى: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ} (¬2)، والتقدير: إنما سمي الإِمام إمامًا؛ لأنه يؤتم به، والأظهر أنه بمعنى صير كما تقدم.
(بهذا الخبر زاد) فيه: (وإذا قرأ) يعني الإِمام (فأنصتوا) بفتح الهمزة يتعدى بحرف الجر أي للقارئ الإِمام احتج به الحنفية وبقوله تعالى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} (¬3) على كراهة قراءة المأموم خلف الإِمام بكل حالة؛ لأن الأمر للوجوب فوجب الاستماع والإنصات إذا قرأ الإِمام جهرًا ووجب الإنصاف إذا لم يجهر (¬4).
وأجاب أصحابنا عن الآية بأنها في الخطبة في الجمعة، ونحن نقول
¬__________
(¬1) "شرح النووي على مسلم" 4/ 133.
(¬2) الزخرف: 19.
(¬3) الأعراف: 204.
(¬4) "بدائع الصنائع" 1/ 110.

الصفحة 693