والله لا أزيد ولا أنقصُ مما فرض اللهُ عليَّ شَيئًا (¬1). ففي عموم قوله شرائع الإسلام (¬2) وقوله: مما فرضَ الله عليَّ شيئًا (¬3) يَزُول الإشكال في الفرائض، وأما النوَافل فقيل يحتمل أن هذا كانَ قبل شرعِها.
(فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أَفْلَحَ) الفَلاح هوَ الفَوز والبَقاء، قيل: إنهُ عبَارة عَن أربَعة أشياء: بقَاء بلَا فَنَاء، وغنى بلا فقر، وعز بلا ذل، وعلم بلا جَهْل، ولا كلمة في اللغة أجمَع للخَيرَات مِنَ الفلاح.
قال النووي: قيل: إن (¬4) هذا الفلاح رَاجع إلى لفظ ولا أنقص خاصة (¬5) والمختار أنه رَاجع إليهما بمعنى أنه إذا لم يزد ولم ينقص كانَ مُفلحًا؛ لأنهُ أتى بما عليه، ومن أتى بما عَليه كانَ مفلحًا (¬6).
قال الكرماني: له محَمل آخر وهو: أن السَّائل كانَ رَسُولًا فحلفَ أن لا أزيد في الإبْلَاغ عَلَى مَا سَمعته ولا أنقص في تبليغ ما سَمعتهُ منكَ إلى قومي (¬7) [فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح"] (¬8) (إنْ صَدَق) فيما حَلفَ عَليهِ، وفيه ثلاثة أقوَال: أحَدها: أنهُ أخبرَ بفَلاحه ثم أعقبهُ بالشَرط المتأخر لينبه على أن سَبَب فلاحه صدقه.
الثاني: أنهُ فعل مَاض أُريدَ به المُستقبل.
¬__________
(¬1) "صحيح البخاري" (1819) بلفظ: لا أتطوع شيئًا ولا أنقص مما فرض الله عليَّ شيئًا.
(¬2) من (د، م).
(¬3) من (م).
(¬4) من (م).
(¬5) في (ص): خاصته.
(¬6) "شرح النووي على مسلم" 1/ 167.
(¬7) انظر: "عمدة القاري" 1/ 419.
(¬8) من (د، م).