كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 3)
قَالَ: وَأَخْبَرَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ (¬1) وَاللَّفْظُ لَهُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَلَمَةَ، ثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ الْقُرَشِيُّ، قَالُوا: ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ صَلَاةً، فَلَمَّا جَلَسَ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أُقِرَّتِ الصَّلَاةُ بِالْبِرِّ وَالزَّكَاةِ (¬2). فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى الصَّلَاةَ وَسَلَّمَ اسْتَقْبَلَ الْقَوْمَ بِوَجْهِهِ وَقَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ (¬3) كَذَا وَكَذَا؟ فَأَرَمَّ (¬4) الْقَوْمُ، فَقَالَ: أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ فَأَرَمَّ (¬5) الْقَوْمُ. فَقَالَ: لَعَلَّكَ يَا حِطَّانُ قُلْتَهَا؟ قَالَ: مَا قُلْتُهَا وَلَكِنْ رَهِبْتُ - قَالَ ابْنُ أَبِي الشَّوَارِبِ: وَلَقَدْ رَهِبْتُ - أَنْ تَبْكَعَنِي (¬6) بِهَا.
فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَنَا قُلْتُهَا، وَلَمْ أُرِدْ بِهَا إِلَّا الْخَيْرَ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو مُوسَى: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صَلَاتِكُمْ! إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَطَبَنَا وَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَالَ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ؛ يُحِبَّكُّمُ اللَّهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا
¬__________
(¬1) في (س): "ابن عمرو".
(¬2) أي اسْتَقَرّت معهما وقُرِنت بهما، يعني أن الصلاة مَقْرونة بالبر، وهو الصدق وجِماع الخير، وأنها مَقْرونة بالزكاة في القرآن، مذكورة معها. النهاية (قرر).
(¬3) قوله: "كلمة" ليس في (س).
(¬4) في (ق): "فأزم". وهما روايتان، والمعنى في كليهما: أمسكوا عن الكلام وسكتوا ولم يجيبوا. انظر النهاية لابن الأثير (أرم، أزم).
(¬5) في (ق): "فأزم".
(¬6) في (ق): "يبكعني"، وغير منقوطة في (س)، وكتب ناسخ (ق) حاشية على الطرة نصها: "يعني يستقبلني بمكروه. يقال: بكعه بكعا إذا استقبله بما يكره. وهذا نحو التبكيت".
الصفحة 189
456