كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 3)

أَنْعُمَ غَيْرُ مَحْمُودٍ فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ صَارِمًا خَشِنًا (¬1).
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ - رحمه الله -: فَهَذَا حَالُ الْإِفْرِيقِيِّ عِنْدَ مَنْ يُرْجَعُ إِلَيْهِمْ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ مِنْ أَعْلَامِ الْمُسْلِمِينَ وَأَئِمَّةِ الدِّينِ، فَلْيَنْظُرِ امْرُؤٌ لِدِينِهِ أَنْ لَا يَجْعَلَ مِثْلَهُ حُجَّةً فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فِي تَرْكِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ.
وَقَدْ رُويَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنهما - حَدِيثٌ (¬2) أَوْهَى إِسْنَادًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو:
[2350] أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ الْعَسْقَلَانِيُّ، ثنا عُرْوَةُ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ عِنْدَ آخِرِ سَجْدَةٍ، فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ".
لَا تَقُومُ الْحُجَّةُ بِمِثْلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ رُوَاتِهِ مَجْهُولُونَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رحمه الله -: هَذَا مَا انْتَهَى إِلَيْنَا مِمَّا قَالَ أَئِمَّتُنَا - رضي الله عنهم - فِي عِلَّةِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَجَرْحِ رُوَاتِهَا، مَعَ مَا أَقَمْنَا مِنَ الْبَرَاهِينِ السَّاطِعَةِ وَالْحُجَجِ الزَّاهِرَةِ عَلَى وُجُوبِ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَالتَّحْلِيلِ مِنَ الصَّلَاةِ بِالتَّسْلِيمِ، وَفِي ذَلِكَ غُنْيَةٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ وَلَمْ يُعَانِدِ الْحَقَّ وَأَهْلَهُ، أَوْ لَمْ يَجْهَلْهُ.
¬__________
(¬1) أحوال الرجال (ص 263).
(¬2) في (ق)، (س): "حديثا" وما أثبتناه الجادة.

الصفحة 227