كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 3)

الطَّائِيِّ، وَرُبَّمَا دَلَّسَ عَنْهُمْ، وَذُكِرَ أَيْضًا تَدْلِيسُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ فَأُكْثِرَ مِنْ عَجَائِبِهِ، وَكَذَلِكَ الْحَكَمُ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَهُشَيْمٌ (¬1).
وَلَوْ ذَكَرْتُ مَا قَالُوا فِي تَدْلِيسَاتِهِمْ لَطَالَ بِهِ الْكِتَابُ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ نُسِبُوا إِلَى التَّدْلِيسِ، وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ أَكْثَرِهِمُ الصِّدْقَ، وَمَا رَوَوْا عَنْ أَقْوَامٍ مَعْرُوفِينَ وَبَيَّنُوا فِيهِ سَمَاعَهُمْ كَانَ مَقْبُولًا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.
فَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - الرُّجُوعَ إِلَى حَدِيثٍ يَكُونُ مَخْرَجُهُ الْحِجَازَ، وَمُجَانَبَةَ أَحَادِيثِ أَهْلِ الْكُوفَةِ؛ لِمَا خَلَّفَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِي التَّدْلِيسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَقَدْ رَجَعَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - (¬2) إِلَى قَبُولِ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَعَ تَرْجِيحِ رِوَايَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَجَوَّزَ الشَّافِعِيُّ - رحمه الله - الْإِتْيَانَ بِكُلِّ تَشَهُّدٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَشَارَ إِلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَذَكَرَ تَشَهُّدَ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ - رضي الله عنهم - أَجْمَعِينَ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُ أَكْمَلُهَا، وَفِيهِ زِيَادَةٌ: "الْمُبَارَكَاتُ".
* * *
¬__________
= المفقود من الأصل الخطي المعتمد - باب ما يستدل به على ضَعف المراسيل: "حِزَامة" بالحاء المهملة. وقال ابن حجر في لسان الميزان (3/ 15): "قلتُ: وأظنه بالخاء المعجمة". اهـ.
(¬1) أخرجه الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص 349).
(¬2) الأم (2/ 269).

الصفحة 24