كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 3)

وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَخُوهُ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ وَأَبُو مِجْلَزٍ (¬1) لَاحِقُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَهُوَ أَيْضًا مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحِ (¬2).
وَرُوِّينَا فِي مَسْأَلَةِ الْقُنُوتِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
وَتَابَعَهُمَا عَلَى ذَلِكَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخُفَافُ بْنُ إِيمَاءِ (¬3) بْنِ رَحَضَةَ (¬4)، وَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَمِنَ النِّسَاءِ: عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنهم - أَجْمَعِينَ، فَرَوَوْا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ.
وَرُوِّينَا عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ قَنَتُوا بَعْدَ الرُّكُوعِ.
فَأَمَّا رِوَايَةُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ وَغَيْرِهِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - كَمَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ - فَإِنَّهَا مُتَعَارِضَةٌ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ - وَهُوَ صَدُوقٌ - عَنْ عَاصِمٍ بِخِلَافِهِ، فَإِمَّا أَنْ نُعْرِضَ عَنِ الرِّوَايَتَيْنِ جَمِيعًا، وَنُقْبِلَ عَلَى سَائِرِ الرِّوَايَاتِ بِالِاسْتِعْمَالِ، وَذَلِكَ إِنْ عَمِلْنَاهُ يَقْتَضِي الْقُنُوتَ فِي صَلَاةِ (¬5) الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ، وَإِنِ اسْتَعْمَلْنَا رِوَايَتَيْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ وَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا فَيَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ نَقُولَ بِجَوَازِ الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ، وَنَخْتَارَهُ بَعْدَهُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرهِ وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ.
¬__________
(¬1) في (س): "أبو مخلد".
(¬2) صحيح البخاري (2/ 107)، صحيح مسلم (2/ 136).
(¬3) في (ق): "أنمار".
(¬4) في (س): "رخصة".
(¬5) قوله: "صلاة" ليس في (ق).

الصفحة 342