كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 3)
مَكَّةَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَحَلَلْنَا، فَحَلَّ النَّاسُ مِنْ عُمْرَتِهِمْ، إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَكُنْتُ حَائِضًا، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ النَّفْرِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَمْ أَكُنْ تَطَوَّفْتُ بِالْبَيْتِ؟ قَالَ: "انْطَلِقِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمِرِي (¬1) ". فَخَرَجْتُ وَمَعِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَحَاضَتْ صَفِيَّةُ لَيْلَةَ النَّفْرِ، فَقَالَتْ: مَا أُرَانِي إِلَّا حَابِسَتَكُمْ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "عَقْرَى حَلْقَى (¬2)، مَا كُنْتِ تَطَوَّفْتِ بِالْبَيْتِ يَوْمَ النَّحْرِ؟ " قَالَتْ: بَلَى. قَالَ: "فَانْفِرِي". قَالَتْ: فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُدَّلِجًا (¬3) عَلَى الْعَقَبَةِ وَهُوَ مُنْهَبِطٌ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَنَا مُنْهَبِطَةٌ عَلَى مَكَّةَ، قَالَ: "مَوْعِدُكِ كَذَا وَكَذَا".
أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ (¬4). وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ سَعِيدٍ (¬5).
فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا (¬6) أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - لَمْ (¬7) يَمْكُثْ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا وَرَدَ فِيمَنْ أَقَامَ بِمَوْضِعٍ، وَلَمْ يُجْمِعْ (¬8) مُكْثًا، وَكَلَامُنَا
¬__________
(¬1) في (س): "واعتمري".
(¬2) قوله: "عقرى حلقى" أي عقر الله جسدها وأصابها بوجع في حلقها. وقيل: معناه تعقر قومها وتحلقهم بشؤمها. وقيل: العقرى: الحائض. وقيل: عقرى حلقى أي: عقرها الله وحلقها. وقيل: معناه جعلها الله عاقرًا لا تلد وحلقى مشئومة على أهلها.
وظاهره الدعاء عليها، ولكنه على مذهب العرب في الدعاء على الشيء من غير إرادة وقوعه.
(¬3) في (س): "متدلجا".
(¬4) صحيح البخاري (2/ 141).
(¬5) صحيح مسلم (4/ 33).
(¬6) في (س): "ذكرناه".
(¬7) في (ق): "أنه لم".
(¬8) أجمع مكثا: أي عزم ونوى الانتظار واللبث.
الصفحة 420