كتاب الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه ت النحال (اسم الجزء: 3)

وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ (¬1) عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ: كَانَ الرَّجُلُ يُكَلِّمُ صَاحِبَهُ. لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى نَفْسِهِ.
ثُمَّ إِنَّ زَيْدًا كَانَ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْأَنْصَارِ إِسْلَامًا، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْهِجْرَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ ثَابِتًا مِنَ الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ، ثُمَّ وَرَدَتِ الْآيَةُ عَلَى وِفَاقِ ذَلِكَ تَأْكِيدًا لَهُ.
وَقَدْ:
[2085] أخبرنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ، قَالَا: ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى بَعِيرِهِ، فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ لِي بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَوْمَأَ زُهَيْرٌ بِيَدِهِ، ثُمَّ كَلَّمْتُهُ، فَقَالَ لِي هَكَذَا، وَأَوْمَأَ أَيْضًا زُهَيْرٌ بِيَدِهِ نَحْوَ الْأَرْضِ، وَأَنَا أَسْمَعُهُ يَقْرَأُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "مَا فَعَلْتَ فِي الَّذِي أَرْسَلْتُكَ لَهُ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُكلِّمَكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي".
قَالَ زُهَيْرٌ: وَأَبُو الزُّبَيْرِ جَالِسٌ مَعَهُ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ بِيَدِهِ أَبُو الزُّبَيْرِ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَقَالَ بِيَدِهِ إِلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ (¬2).
وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ كَانَ ثَابِتًا زَمَنَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَكَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ زَمَنَ خَيْبَرَ بَعْدَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ ذِي الْيَدَيْنِ: صَلَّى
¬__________
(¬1) هذا لفظ البخاري ومسلم.
(¬2) صحيح مسلم (2/ 71).

الصفحة 61