كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 3)

مريم، وإنما بنوها على اسمها؛ فقال ابن طولون: مالك [و] للاعتراض على الشيخ! ثم أمر بسبعين ألف دينار من ماله، وأن يعطى لكل من احترق له شىء ويقبل قوله ولا يستحلف، فأعطوا لمن ذهب ماله. وفضل من المال أربعة عشر ألف دينار؛ ثم أمر بمال عظيم أيضا ففرّق فى فقراء أهل دمشق والغوطة، وأقلّ «1» ما أصاب الواحد من المستورين دينار.
وعن محمد بن على الماذرائىّ «2» قال: كنت أجتاز بتربة أحمد بن طولون فأرى شيخا ملازما للقراءة «3» على قبره، ثم إنى لم أره مدّة، ثم رأيته فسألته فقال: كان له علينا بعض العدل إن لم يكن الكلّ، فأحببت أن أصله بالقراءة؛ قلت: فلم انقطعت؟
قال: رأيته فى النوم وهو يقول: أحبّ ألّا تقرأ عندى، فما تمرّ بآية إلا قرّعت بها وقيل: أما سمعت هذه! انتهى.
قلت: ولمّا ولى أحمد بن طولون مصر سكن العسكر على عادة أمراء مصر من قبله، ثم أحب أن يبنى له قصرا فبنى القطائع. والقطائع قد زالت آثارها الآن من مصر ولم يبق لها رسم يعرف، وكان موضعها من قبّة الهواء، التى صار مكانها الآن قلعة الجبل، الى جامع ابن طولون المذكور وهو طول «4» القطائع، وأما عرضها فانه كان من أوّل الرّميلة من تحت القلعة الى الموضع الذي يعرف الآن بالأرض الصفراء عند مشهد الرأس الذي يقال له الآن زين العابدين؛ وكانت مساحة القطائع ميلا فى ميل.

الصفحة 14