كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 3)

قِيْلَ كَانَ بَيْنَ الحَكَمِ بن أَبِي العَاصِ بن أُمَيَّةَ وَبَيْنَ العَاصِ بن وَائِلٍ السَّهْمِيّ نَبْوَةٌ وَكَانَ الحَكَمُ مَاجِنًا غِرًّا مُعْجَبًا بِنَفْسِهِ فَمَرَّ فِي المَسْجِدِ بِالعَاصِ بن وَائِلٍ وَمَرَّ فِي نَادِيْهِ وَقَوْمِه وابْنِهِ عَمْرُو بن العَاصِ غُلَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَتَكَلَّمَ الحَكَمُ بِكَلِمَةٍ فِيْهَا وَعِيْدٌ لِلْعَاصِ بن وَائِلٍ فَلَمْ يُجِبْهُ عَنْهَا بِشَيْءٍ فَقَالَ لَهُ عَمْرُوٌ يَا ابنَ مَالَكَ لَا تُجِبْهُ قَالَ وَمَا الَّذِي أَقُوْلُ لَهُ قَالَ قُلْ لَهُ:
إِذَا كُنْتَ فِي يَوْمِكَ ذا عَاجِزًا ... هِيْنًا فَأَنْتَ غَدًا أَعْجَزُ
وَلَوْ كُنْتَ تَعْقِلُ أَلْهَاكَ عَنْ ... وَعِيْدكَ لِي مَا بِهِ تُنْبَزُ
فَاسْتَطَارَ أَبُوْهُ فَرَحًا ثَمَّ آثَرَهُ عَلَى بَقِيَّةِ وَلَدِهِ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُقْصِيْهِ مِنْ أَجْلِ أُمِّهِ وَكَانَتْ مَكْرُوْهَةً. وَالَّذِي كَانَ يَنْبُزُ بِهِ الحَكَمُ هُوَ الدَّاءُ العُضَالُ وهكذا نَدِيْمُهُ أَبُو جَهْلِ بن هِشَامٍ وَجَمَعَتْهُمُ العِلَّةُ المَذْكُوْرَةُ.

الصَّابِئُ: [من الطويل]
1852 - إِذَا كُنْتَ قَدْ أَيقَنْتَ أَنَّكَ هَالِكٌ ... فَمَالَكَ مِمَّا دُوْنَ ذَلِكَ تُنْفِقُ
أَبْيَاتُ أَبِي إِسْحَاقَ الصَّابِئُ منقُولٌ مِنْ خَطِّهِ أَوَّلُهَا:
لَئِنْ ضَاقَ بِي مِنْ سَاحَةِ الحَبْسِ مَوْضِعِي ... لِمَوْضِعِ نَفْسِي بَيْنَ جَنْبَيَّ أَضْيَقُ
وَقَدْ حُبِسْتُ فِي حُبِّهَا لِحَيَاتِهَا ... وَإِنْ أَبْصرْتُ رُشْدًا فَبِالمَوْتِ تُطلَقُ
وَمَا حَظُّ نَفْسٍ فِي حَيَاةٍ مَآلهَا ... إِلَى غَايَةٍ فِيْهَا تقِيْظُ وَترْهقُ
وَهَلْ قَاطِعٌ عِرْضَ البَسِيطَةِ سَائِمٌ ... كَمَا شَاءَ إِلَّا فِي الحَبَائِلِ مُوْثَقُ
لَعُمْركَ مَا يَدْرِي الَّذِي الحَبْسُ سَاءهُ ... إِطْلَاقهُ أَمْ لُبْثُهُ فِيْهِ أَوْفَقُ
عَلَى كَلِّ مَحْبُوْسٍ رَهِيْنٍ وَحَابِسٍ ... مِنَ الفَلَكِ الدَّوَّارِ سُوْرٌ وَخَنْدَقُ
نُرَاعِي تَصَارِيْفَ الزَّمَانِ وَمَا لَنَا ... سَبِيْل إِلَى اسْتِكْفَافِهَا حِيْنَ تَطْرُقُ
وَنَسْأَلُ عَنْهُ أَيْنَ تَنْحُو سِهَامهُ ... لِنَعْدِلَ عَنْ أَغْرَاضِهَا وَهِيَ تَسْبقُ
فَإِنْ زَاغَ مِنَّا زَائِغٌ عَنْ تِجَاهِهَا ... أُتِيْحَ لَهُ مَا طَاشَ مِنْهَا فَيَلْحَقُ
وَمَا طَاشَ عَنْهُ بَلْ زَوَى الوَجْهَ ... نَحْوَهُ لأَنَّ الَّذِي يَرْمِي إِلَيْهِ يُفَوِّقُ
يَفُوْتُ العُيُوْنَ المُرْصِدَاتِ بِكَيْدِهِ ... وَتُمْكِنُهُ غِرَّاتهَا وَهُوَ مُطْرِقُ

الصفحة 111