كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 3)
النِّعْمَ أَحَلَّ بِكَ البَأسَ وَالنَّقْمَةَ حَتَّى صِرْتَ مِنْ قُوَّةِ الأَمَلِ مُعْتَاضًا شِدَّةِ الوَجَلِ وَمِنْ رِجَالِ الغَدِ مُتَعَرِّضًا لِيَأسِ الأَبَدِ وَرَكِبْتَ مَطِيَّةَ المَخَافَةِ بَعْدَ مَجْلِسِ الأَمْنِ وَالكَرَامَةِ وَأَصْبَحْتَ مُعَرَّضًا لِلرَّحْمَةِ بَعْدَمَا تَكَنَّفَتْكَ الغِبْطَةُ وَأُخِذَ فيك بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
إِذَا مَا بَدَأتَ أَمْرًا جَاهِلًا. الأَبْيَاتُ.
* * *
وَمِنْ هَذَا بَابِ (إِذَا مَا بَدَا) مَا وَقَّعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بن طَاهِرٍ عَلَى رِقْعَةٍ بعض الكُتَّابِ وَهُوَ (¬1):
إِذَا مَا بَدَأتَ امْرَأً جَاهِلًا ... بِبِرٍّ فَقَصَّر عَن حَمْلِهِ
وَلَمْ تَلْفَهُ قَابِلًا لَلجَمِيْلِ ... وَلَا عَرَفَ الفَضْلَ مِنْ أَهْلِهِ
فَسُمْهُ الهَوَانَ فَإِنْ الهَوَانَ ... دَوَاءٌ لِذِي الجَهْلِ جَهْلِهِ
وَهَذَا يَنْظرُ إِلَى قَوْلِ قُصَيّ بن كِلَابٍ حِيْنَ قَالَ لأَكَابِرَ وَلِدِهِ فِي وَصِيَّتِهِ لَهُمْ: مَن عَظَّمَ لَئِيْمًا شَرِكَهُ فِي لُؤْمِهِ وَمَنْ اسْتَحْسَنَ مُسْتَقْبَحًا شَرِكَهُ فِيْهِ وَمَن لَمْ تُصلِحُهُ كَرَامَتِهِ فَدَاؤُهُ بِهَوَانِهِ فَبِالدَّوَاءِ يُسَمُ الدَّاءُ. قَالَ مُحَمَّد بن جُبَيْر بن مطعمٍ كَان قُصيُّ بن كِلَابٍ أَوَّلُ ولدِ كعب بن لُؤَيٍّ أَصَابَ مَلِكًا أَطَاعَهُ بِهِ قَوْمُهُ فَكَانَتْ إِليْهِ الحِجَابَةُ وَالرّفَادَةُ وَالنَّدْوَةُ وَاللِّوَاءُ وَالسّقَايَةُ وَحُكمُ مَكَّة كلهُ وكانت قُرَيْشٌ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ يَتبَعُونَ أَمْرَه كَالدّينِ المُتَّبَعِ لَا تعمل بِغيْرِهِ مَعْرِفَةً بفَضْلِهِ وَشرَفِهِ وَكَانَ دَاهِيَة العَرَبِ فِي زَمَانِهِ وَجَمَعَ شَمْلَ قُرَيْشٍ فَدُعِيَ المُجَمِّع.
[من الطويل]
2105 - إِذَا مَا بَدَا لِلْحَزْمِ وَجْهٌ فَأمْضِهِ ... فَإِنَّ فَسَادَ الرَّأي أَنْ تَتَرَدَّدَا
إبْرَاهِيْمُ بن العباسَ الصّوليُّ: [من الطويل]
2106 - إِذَا مَا بَدَا وَالقَوْمُ فَوْقَ سُرُوْجهم ... تَنَاثَرَتِ الأَشْرَافُ مِنْهُمْ عَلَى الأَرْضِ
¬__________
(¬1) الأبيات في البصائر والذخائر: 4/ 121.
2106 - البيت في ديوان المعاني: 1/ 146 منسوبا إلى أبي بكر الصولي.
الصفحة 177