كتاب الدر الفريد وبيت القصيد (اسم الجزء: 3)

هَذَا مِنْ قَصِيْدَةٍ فِي الوَزِيرِ البَازُوْرِيّ أَوَّلُهَا:
تَمَنَّى العُلَى سَهْلٌ وَمَسْلكُهَا وَغْرٌ ... وَشِيْمَتُهَا إِلَّا إِذَا شِئْتهَا الغَدْرُ
أَجُلّكَ فَوْقَ الخَلْقِ قَدرًا وَرُتْبَةً ... وَدُنْيًا وَدِيْنًا مَنْ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ
تَبَاعَدَ مِنْ إنْعَامِكَ المَنَّ وَالأَذَى ... وَقَارَنَهُ مِنْكَ الطَّلَاقَةُ وَالبُشْرُ
فِدَاؤُكَ أَمْلَاكٌ ثُرَابُ عُفَاتِهَا ... لَدَيْهَا العُبُوْس الجَمُّ وَالنَّظَرُ الشَّرَرُ
إِذَا مَا رَقُوا بِالحَمْدِ لَمْ تَنْفَعِ الرُّقَى ... وَإِنْ سُحِرُوا بِالمَدْحِ لَمْ يَنْفَذِ السِّحْرُ
يَقُوْلُ مِنْهَا: إِذَا ظَلَّ يَحْمِي. البَيْتُ وَبَعْدَهُ
وَمَا هِيَ إِلَّا غِرّةٌ سَنَّهَا النَّدَى ... عَلَى غَارَةٍ فِي مَالِهِ شَنَّهَا الشِّعْرُ
وَقِدْمًا نَهَاهُ النَّاصِحُوْنَ بِزَعْمِهِمْ ... فَمَرَّ كَأَنَّ النّهَى فِي سَمْعِهِ وَقْرُ
فَكُلّ حَىٍّ يَحْيَا التُّرَابُ بِمَائِهِ ... فَدَاءُ غَمَامٍ مِنْ مَوَاطِرِهِ التِّبْرُ
تَحَجَّبَ إِعْظَامًا وَمَا دُوْنَ عَدْلِهِ ... وقايض جَدْوَاهُ حِجَابٌ وَلَا سِتْرُ
وَيَضْنُو عَلَى مَاءِ الجمَالِ بِوَجْهِهِ ... حَيَاءٌ تَظِنِّي جَاعِلٌ أَنَّهُ كِبْرُ
فَلَا شَتَّتَ الإِلَهُ حجَج العُلَى ... وَلَا أَقْلَعَتْ إِلَّا بِهِ الحجر الغُبْرُ

[من الوافر]
1539 - إِذَا ظَلَمَ الوَزِيرُ شَكَوتُ بَي ... فَمَنْ يُعْدِي إِذَا ظَلَمَ الوَزِيْرُ؟
وَمِنْ هذَا البَابِ قَوْلُ الإِمَامُ الشّافِعِيّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ (¬1):
إِذَا ظَالِمٌ اسْتَعْمَلَ الظّلْمَ مَذْهَبًا ... وَلَجّ عُتُوًّا فِي قَبيْحِ اكْتِسَابِهِ
فَكِلْهُ إِلَى صَرْفِ اللَّيَالِي فَإِنَّها ... سَتُبْدِي لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ
فكم قَدْ رَأَيْنَا طَالَمَا مُتَجَبِّرًا ... يَرَى النّجْمَ تِيْهًا مِنْهُ تَحتَ رِكَابِهِ
فَأَوْثَقَ مَا قَدْ كَانَ يَوْمًا بِمُلْكِهِ ... أَنَاخَتْ صُرُوْفَ الحَادِثَاتِ بِبَابِهِ
وَذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ فِي كُلّ ظَالِمٍ ... يُعَاقِبُهُ عَدْلًا بِسَوْطِ عَذَابِهِ
¬__________
(¬1) ديوان الشافعي: 54 - 55.

الصفحة 23