كتاب الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (اسم الجزء: 3)

عن عبد الله بن محمد بن عَقيل، عن الطفيل بن أُبي بن كعب، عن أبيه، فذكره.
وإسناده حسنٌ؛ من أجل عبد الله بن محمد بن عَقيل، فإنَّه مختلف فيه، غير أنَّه صدوقٌ، حسن الحديث. وقال البوصيري: "هذا إسنادٌ حسنٌ".
ورواه الدارمي (٣٦): عن زكريا بن عدي، عن عبيد الله بن عمرو به. ولفظه: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جذع ويخطب إليه إذ كان المسجد عريشًا، فقال له رجل من أصحابه: "ألا نجعل لك عريشًا تقوم عليه ... " وذكر باقي الحديث.
وقوله: "كان المسجد عريشًا" العرش هنا السقف. والعريش: كلُّ ما يُستظلُّ به. وقوله: "ألا نجعلُ لك عريشًا": المراد بالعريش ههنا: ما يجلس عليه كالسرير، والعرش: سرير الملك.

• عن أنسٍ وابن عباسٍ: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب إلى جذعٍ، فلمَّا اتَّخذ المنبر، ذهب إليه، فحنَّ الجِذع، فأتاه فاحتضنه، فسكنَ، فقال: "لو لم أحتضنه لحنَّ إلى يوم القيامة".
صحيح: رواه ابن ماجه (١٤١٥) ثنا أبو بكر بن خلادٍ الباهلي، ثنا بهز بن أسد، ثنا حمَّاد بن سلمة، عن عمَّار بن أبي عمَّار، عن ابن عبَّاس. وعن ثابت، عن أنسٍ، فذكر الحديثَ.
وإسناده صحيح. وإن كان قد اختلف في عمار بن أبي عمار، إلَّا أنَّ جمهور أهل العلم وثّقوه. قال البوصيري: "إسناده صحيح، رجاله ثقات".

• عن أنس بن مالكٍ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب إلى لِزق جِذعٍ، واتَّخذوا له منبرًا، فخطب عليه، فحنَّ الجِذع حنينَ الناقة، فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسَّه فسكنَ.
حسنٌ: رواه الترمذي (٣٦٢٧): عن محمود بن غيلان، ثنا عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمَّار، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالكٍ، فذكره.
وإسناده حسنٌ، من أجل عكرمة بن عمَّار، فإنَّه صدوق يَغلَط. وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وفي نسخة أخرى: "حسن صحيح غريبٌ من هذا الوجه".
هكذا رواه الترمذي مُختصرًا، وصحَّحه ابن خزيمة (١٧٧٧) فرواه من طريق محمد بن بشَّار، ثنا عمر بن يونس به. وفيه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم يوم الجمعة فيُسنِد ظهره إلى جِذعٍ منصوبٍ في المسجدِ فيخطبُ، فجاء روميٌّ فقال: ألا نصنعُ لك شيئًا تقعد وكأنَّك قائمٌ؟ فصنع له منبرًا له درجتان، ويقعد على الثالثة، فلمَّا قعد نبي الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر خار الجِذع خُوار الثورِ، حتَّى ارتجَّ المسجدُ بخُواره حُزنًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنبر فالتزمهُ وهو يخور، فلمَّا التزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكت، ثمَّ قال: "والذي نفسي بيده! لو لم ألتزمه ما زال هكذا حتَّى تقوم الساعة حزنًا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدُفِن، يعني الجِذْعُ.
وصحَّحه أيضًا ابن حبَّان (٦٥٠٧) فرواه من طريق مبارك بن فَضالة، ثنا الحسن، عن أنس بن

الصفحة 615