كتاب الكامل في اللغة والأدب (اسم الجزء: 3)

من لسانه؛ وكان الفزاري بكيئاً1 فقال2 الغنوي: ماؤنا من بين الرقم إلى كذا، وهم جيراننا فيه، فنحن أقصر منهم رشاء، وأعذب منهم ماء، لنا ريف السهور ومعاقل الجبال. وأرضهم سبخة، ومياههم أملاح، وأرشيتهم طوال، والعرب3 من عز بز، فبعزنا ما تخيرنا عليهم، وبذلهم ما رضوا منا4 بالضيم.
وقوله: كان الفزاري بكيئاً يقول: غير قادر على الكلام، وأصل ذلك في الحلب، يقال ناقة غزيرة وناقة بكيء، وهي ضد الغزيرة، أي قليلة اللبن، ودهين وصمرد، في معنى، يقال: بكأت الشاة والناقة، وبكؤت، قال الشاعر:
فإذا ما حاردت أو بكؤت ... فض عن خاتم أخرى طينها5
وقال سلامة بن جندل:
يقول محبسها أدنى لمرتعها ... ولو تداعى ببكء كل محلوب6
يقول: إن نحبس الإبل على ضر ونقاتل عنها فهو أدنى بأن تعز فترتع فيما تستقبل، وإن ذهبت ألبانها، لأنا إن أطردناها7 وهربنا طمع فينا واستذللنا، ويقال في الكلام: رجل عيي بكي.
قال أبو العباس: وهذا لغنوي: إذا قابل8 بقبيلته آل بدر فقد أعظم الفرية، وبلغ في البهت، وأشمت العدو بجمهور قيس، وصار بهم إلى قول9 الأخطل:
وقد سرني من قيس عيلان أنني ... رأيت بني العجلان سادوا بني بدر
__________
1 ر: "بكيا". وما أثبته عن الأصل.
2 ر: "قال" وما أثبته عن الأصل.
3 ر: "والعرب عن عز بز", س: "والعرب إذا ذاك من عز بز", وما أثبته عن الأصل.
4 كذا في الأصل. س. وفي ر: "عنا".
5 هو عدى بن زيد, وقيله:
ولنا باطية مملوءة ... جونة يتبعها برزينها
البرزين: إناء يتخذ من قشر الطلع, والحد داء في القوائم, إذا مشى البعير نفض قوائمه, فضرب بهن الأرض كثيرا, وانظر اللسان 4: 123. 18:196.
6 ر: "وإن تداعى".
7 أطردناها: أمرنا بطردها. وفي ر: "طردناها".
8 ر: "حاول".
9 ر: "إلى ما قال".

الصفحة 55