قال هشام: ما هكذا أوصى يعقوب ولده. قال أبو النجم: ولا أنا كيعقوب، ولا بنتي كولده، قال: فما حال الأخرى? قال: قد درجت بين بيوت الحي، وتنفعنا1 في الرسالة والحاجة، قال: فما قلت فيها? قال: قلت:
كأن ظلامة أخت شيبان ... يتيمة ووالداها حيان
الرأس قمل كله وصئبان ... وليس في الرجلين إلا خيطان
فهي التي يذعر منها الشيطان
قال: فقال هشام: يا غلام2، ما فعلت بالدنانير المختومة التي أمرتك بقبضها? قال: ها هي عندي، ووزنها خمسمائة، قال: فادفعها إلى أبي النجم ليجعلها في رجلي ظلامة مكان الخيطين، أفلا تراه قال:
فهث التي يذعر منها الشيطان
وإن لم يره، لما قرر فيالقلوب من نكارته وشناعته! وقال آخر:
وفي البقل إن لم يدفع الله شره ... شياطين يعدو بعضهن على بعض
وزعم أهل اللغة أن كل متمرد من جن أو إنس أو سبع3 أو حية4 يقال له شيطان، وأن قولهم: تشيطن إنما معناه تخبث وتنكر، وقد قال الله جل وعز: {شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنِّ} 5 قال الراجز:
أبصرتها تلتهم الثعبانا ... شيطانة تزوجت شيطانا
وقال امرؤ القيس:
أتوعدني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال!
والغول: لم يخبر صادق قط أنه رآها.
ثم نرجع إلى تفسير شعر أبي النجم6:
__________
1 ر: "ونعتنا".
2 ر: "لحالجيه".
3 ر: "رجل".
4 ساقطة من ر.
5 سورة الأنعام
6 ر: "وأول أبي النجم".