كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الْبَدْءُ «1» وَالْبَدْوُ، وَالِاسْمُ: الْبَدَاءُ، وَلَا يُقَالُ فِي الْمَصْدَرِ: بَدَا لَهُ بُدُوّ، كَمَا لَا يُقَالُ:
ظَهَرَ لَهُ ظُهُورٌ بِالرّفْعِ؛ لِأَنّ الّذِي يَظْهَرُ، وَيَبْدُو هَاهُنَا هُوَ الِاسْمُ: نَحْوَ الْبَدَاءِ وَأَنْشَدَ أَبُو عَلِيّ:
لَعَلّك وَالْمَوْعُودُ حَق وَفَاؤُهُ ... بَدَا لَك فِي تِلْكَ الْقُلُوصِ بَدَاءُ «2»
وَمِنْ أَجْلِ أَنّ الْبُدُوّ هُوَ الظّهُورُ، كَانَ الْبَدَاءُ «3» فِي وَصْفِ الْبَارِي- سُبْحَانَهُ- مُحَالًا؛ لِأَنّهُ لَا يَبْدُو لَهُ شَيْءٌ كَانَ غَائِبًا عَنْهُ، وَالنّسْخُ لِلْحُكْمِ لَيْسَ بِبَدَاءِ كَمَا تَوَهّمَتْ الْجَهَلَةُ مِنْ الرّافِضَةِ وَالْيَهُودِ، إنّمَا هُوَ تَبْدِيلُ حُكْمٍ بِحُكْمِ بِقَدَرِ قَدّرَهُ، وَعِلْمٍ عَلِمَهُ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بَدَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا، وَيَكُونُ مَعْنَاهُ:
أَرَادَ. وَهَذَا مِنْ الْمَجَازِ الّذِي لَا سَبِيلَ إلَى إطْلَاقِهِ إلّا بِإِذْنِ مِنْ صَاحِبِ الشّرْعِ، وَقَدْ صَحّ فِي ذَلِكَ مَا خَرّجَهُ الْبُخَارِيّ فى حديث الثلاثة: الأعمى والأقرع
__________
(1) ليس لما قيل من قبل عن وضع الشمس والقمر سند صحيح، فكيف يقيم عليه كل هذا؟!
(2) القلوص من الإبل: الشابة، والبيت من أبيات ذكرها أبو على القالى فى أماليه ص 71 ج 2 ط 2 غير منسوبة إلى أحد، وهى قول رجل وعد رجلا قلوصا فأخلفه. ونقل البكرى فى السمط ص 705 عن أبى عمرو الشيبانى أنها لرجل من مزينة، وذكر الأستاذ الميمنى فى تحقيقه للسمط أنها لمحمد بن بشير الخارجى كما ورد فى الأغانى
(3) الشيعة هم القائلون بالبداء، وله معان- كما يقول الشهرستانى- (البداء فى العلم، وهو أن يظهر له صواب على خلاف ما أراد وحكم، والبداء فى الأمر وهو أن يأمر بشىء ثم يأمر بعده بخلاف ذلك) وهذا محال على الله سبحانه أن يرى شيئا، ثم يظهر له أن الأمر بخلاف ما رأى، فالله بكل شىء عليم.

الصفحة 53