كتاب الروض الأنف ت الوكيل (اسم الجزء: 3)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وَأَقَاوِيلَ لَاجْتَمَعَتْ هَمْزَةُ الْجَمْعِ مَعَ هَمْزَةِ الْأَصْلِ وَلَقَالُوا فِيهِ: أَوَاصِيلُ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ الثّانِيَةِ، وَوَجْهٌ آخَرُ مِنْ الْخَطَأِ بَيّنٌ أَيْضًا، وَهُوَ أَنّ أَفَاعِيلَ جَمْعُ أَفْعَالٍ، لَا بُدّ مِنْ يَاءٍ قَبْلَ آخِرِهِ، كَمَا قَالُوا فِي أَقَاوِيلَ، فَكَانَ يَكُونُ أَوَاصِيلَ، وَلَيْسَ فِي أَصَائِلَ حَرْفُ مَدّ وَلِينٍ قَبْلَ آخِرِهِ إنّمَا هِيَ هَمْزَةُ فَعَائِلَ، وَمِنْ الْخَطَأِ فِي قَوْلِهِمْ أَيْضًا: أَنْ جَعَلُوا أُصُلًا جَمْعًا كَثِيرًا مِثْلَ رُغُفٍ، ثُمّ زَعَمُوا أَنّ آصَالًا جَمْعٌ لَهُ، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَالَ فِي رُغُفٍ جَمْعُ أَرْغَافٍ، فَإِنْ قِيلَ: فَجَمْعُ أَيّ شَيْءٍ هِيَ آصَالٌ؟ قُلْنَا: جَمْعَ أُصُلٍ الّذِي هُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ فِي مَعْنَى الْأَصَائِلِ لَا جَمْعَ أُصُلٍ الّذِي هُوَ جَمْعٌ، فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ يُقَالُ أُصُلٌ وَاحِدٌ، كَمَا يُقَالُ أَصِيلٌ وَاحِدٌ؟
قُلْنَا: قَدْ قَالَ بَعْضُ أَرْبَابِ اللّغَةِ ذَلِكَ، وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الْأَعْشَى:
يَوْمًا بِأَطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَةٍ ... وَلَا بِأَحْسَنَ مِنْهَا إذْ دَنَا الْأُصُلُ «1»
أَيْ: دَنَا الْأَصِيلُ، فَإِنْ صَحّ أَنّ الْأُصُلَ بِمَعْنَى الْأَصِيلِ، وَإِلّا فَآصَالُ جَمْعُ أَصِيلٍ عَلَى حَذْفِ الْيَاءِ الزّائِدَةِ مِثْلَ طَوِيّ «2» وَأَطْوَاءٍ، وَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا قَالَ هَذَا الْقَوْلَ، أَعْنِي: جَمْعَ جَمْعِ الْجَمْعِ غَيْرِ الزّجّاجِيّ وابن عزيز.
__________
(1) قصيدة أولها: «ودع هريرة إن الركب مرتحل» ومنها قبل هذا البيت
ما روضة من رياض الحزية معشبة ... خضراء جاد عليها مسبل هطل
يضاحك الشمس منها كوكب شرق ... مؤزر بعميم النبت مكتهل
يَوْمًا بِأَطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَةٍ ... وَلَا بِأَحْسَنَ منها إذ دنا الأصل
(2) الطوى كغنى: البئر.

الصفحة 92