كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)

واحد، وتكشفٍ واحد، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أفضل الصيام صيامُ أخي داود؛ كان يصوم يومًا، ويفطر يومًا" (¬1)، فلولا أن بالتفريق تحصل المشقة، ما فضله النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصيام.
فإن قيل: فقد نقل الأثرم قال: أخبرني عبد السلام بن أبي قتادة (¬2): أنه سمع أبا عبد الله يقول: هذا عندي رخصة للمريض والمرضع (¬3).
فقد أجاز الجمعَ للمرضع، ولا ضرورة بها.
قيل: بل عليها مشقة في التفريق؛ لأن الغالب من حال المرضع أن ثوبها لا يسلم من النجاسة، ففي غسله أو خلعه لكل صلاة مشقة.
فإن قيل: نقل محمد بن موسى بن مشيش (¬4): أنه قال: الجمع في الحضر إذا كان من ضرورة؛ مثل: مرض، أو شغل، فقد أجاز الجمع لأجل الشغل، وذلك ليس بعذر.
¬__________
(¬1) أخرجه الإمام أحمد في المسند رقم (2876)، واللفظ له، والبخاري في أبواب: التهجد، باب: من نام عند السحر، رقم (1131)، ومسلم في كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر، رقم (1159).
(¬2) في الأصل: أبي عباد، والتصويب من التمهيد (12/ 216)، وقد ذكر ابن أبي يعلى في الطبقات (2/ 102) راويًا عن الإمام أحمد اسمه (عبد السلام)، ولم يزد على ذلك.
(¬3) ينظر: التمهيد (12/ 216)؛ فقد نقل نص الرواية، وكذلك نقلها، ولم يسم راويها: ابن قُدامة في المغني (3/ 135)، وابن رجب في الفتح (3/ 92).
(¬4) ينظر: الفروع (3/ 108)، وغاية المطلب ص 118، والإنصاف (5/ 90).

الصفحة 104