كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)
فإن قيل: أليس معناه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم بذلك، فرضيه، وأقر عليه؟
قيل له: لا يجوز أن يكون فعلوها بغير أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الجمعة إحالة فرض كانوا عليه وبغيره.
فإن قيل: تلك قرية قريبة من المدينة، وحكمها حكم المصر من البلد، ويجوز إقامة الجمعة في مثلها.
قيل له: لو كانت في حكم المصر، لم يحتج إلى إقامة جمعة ثانية بالمدينة، وقد أقاموا بالمدينة الجمعة في دار سعد بن خيثمة، وعلى أن حرة بني بياضة بينها وبين المدينة بعد نحو نصف فرسخ أو أكثر، ومثل هذا لا يجوز إقامة الجمعة فيه عندهم.
وروى أبو بكر النجاد بإسناده عن أبي جمرة (¬1) عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: أول جمعة جمّعت، بعد جمعة جمّعت بالمدينة: جمعة بالبحرين بجُوَاثى: قرية من قرى عبد القيس (¬2).
فإن قيل: لم يثبت أن الذي أقامها ممن يحتج به.
¬__________
(¬1) في الأصل: حمزة.
وأبو جمرة هو: نصر بن عمران بن عصام الضُّبَعي، البصري، قال ابن حجر: (ثقة ثبت)، توفي سنة 128 هـ. ينظر: التقريب ص 628.
(¬2) أخرجه البخاري في كتاب: الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن، رقم (892)، وأبو داود في كتاب: الصلاة، باب: الجمعة في القرى، رقم (1068)، واللفظ له.