كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)
الجمعة بالمدينة قبل أن يهاجر إليها (¬1)، ولم يكن فيها جامع ولا منبر، وإنما عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر بعد مقامه بها بمدة (¬2)، ولأن المعتبر بالمقام: الاستيطان، فإذا وجد البناء الذي يتخذ للمقام والاستيطان، فقد وجد الشرط، وليس لاعتبار الأسواق معنى، وقد قال أحمد - رحمه الله - في رواية أبي داود (¬3): أهل الرأي يقولون: الجمعة في الموضع الذي تقام فيه الحدود، وأي (¬4) حَدّ كان يقام بالمدينة! قدمها مصعبُ بن عمير - رضي الله عنه - وهم مختبئون في دار، فجمَّع بهم، وهم أربعون.
قال: وقوله: مصر جامع، يعني بالجامع: إذا كان الناس فيه يجتمعون.
¬__________
(¬1) أخرجه عبد الرزاق في المصنف رقم (5146) عن الزهري، قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير إلى أهل المدينة ليقرئهم القرآن، فاستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجمّع بهم، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وليس يومئذٍ بأميرٍ، ولكنه انطلق يعلم أهل المدينة. وهو مرسل، وذكر الإمام أحمد في رواية أبي طالب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أمرَ مصعبَ بن عمير أن يجمِّع بهم بالمدينة. ينظر: فتح الباري لابن رجب (5/ 331).
(¬2) ينظر: صحيح البخاري، كتاب: الجمعة، باب: الخطبة على المنبر، رقم (917)، وصحيح مسلم، كتاب: المساجد، باب: جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، رقم (544).
(¬3) في مسائله رقم (398).
(¬4) في الأصل: وأنى، والتصويب من مسائل أبي داود.