كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)

الذي تنعقد به الجمعة، فأما إن كان سفرًا يقصر فيه، لم يصح فيهم، وقوله: ليس عليهم إذا رجعوا أن يجمعوا في قراهم، معناه: إذا رجعوا من يومهم إلى وطنهم (¬1).
وقال في رواية جعفر بن محمد (¬2) - وقد سئل عن مسجد جامع بُني على عشرة فراسخ من المدينة يجّمع فيه؟ -، قال: نعم. وقوله: يجمَّع فيه، يحتمل أن يكون أراد به: أهلَ المدينة إن تحملوا السير إليه، وصلَّوا فيه، صحت الجمعة، وهذا يدل على صحة الجمعة فيه، وإن بَعُد عن البنيان، ويحتمل أن يريد به: إذا كان حوله قرى، وهو أشبه بالتأويل؛ لأنه يَبْعُد أن يقصده أهل البلد، وهذا يقتضي جواز الصلاة فيه مع اتصاله بالبنيان وانفصاله، وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله - (¬3).
وقال الشافعي - رضي الله عنه -: لا يجوز (¬4).
دليلنا: أنها صلاة شُرع لها الاجتماع والخطبة، فوجب أن يجوز فعلها في البنيان، وما قرب من البناء؛ دليله: صلاة العيد، وقد نص على ذلك في رواية حنبل (¬5)، فقال: الخروج إلى المصلى في العيدين أفضل،
¬__________
(¬1) ينظر: الهداية ص 110، والمغني (3/ 209)، والإنصاف (5/ 195).
(¬2) لم أقف عليها.
(¬3) ينظر: بدائع الصنائع (2/ 190)، والهداية (1/ 82).
(¬4) ينظر: المهذب (1/ 359)، والبيان (2/ 559).
وإليه ذهبت المالكية. ينظر: المدونة (1/ 152)، والكافي ص 70.
(¬5) ينظر: الفروع (3/ 201)، والمبدع (2/ 182)، وكشاف القناع (3/ 402).

الصفحة 126