كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)
لأنه لو اجتاز المسافر ببلد، وأدرك فيه صلاة الجمعة، فصلى، أجزأه عن ظهره، فلا فرق بينهما.
* فصل:
فإن كانت القرية متفرقة الأبنية تفريقًا متقاربًا، صح إقامة الجمعة فيها؛ خلافًا لأصحاب الشافعي - رضي الله عنهم - (¬1)؛ لأنه بناء متقارب، مستوطنه عدد تنعقد بهم الجمعة، أشبهَ المتصل، ولأن اسم الاتصال يجمعهم، فيقال: هؤلاء أهل قرية واحدة، ووطن واحد، وقد قال أحمد - رحمه الله - في رواية ابن القاسم (¬2) - وقد سئل عمن تجب عليه الجمعة؟ -، فقال: الذي يسمع النداء، وأهل القرية إذا كانت مجتمعة. معناه: إذا كانت متقاربة الاجتماع، تبين صحة هذا التأويل: ما ذكرناه في المسألة التي قبلها، وأنه يجوز إقامتها فيما قرب من المصر.
واحتج المخالف: بأن العدد الذي تنعقد بهم الجمعة لم يجمعهم وطن، فأشبه إذا كان تفريقًا متباعدًا.
والجواب: أنا لا نسلم أنه لم يجمعهم وطن؛ لأنا قد بينا أنه يقال: هؤلاء أهل قرية واحدة، ثم لا يجوز اعتبار المتباعد بالمتقارب؛ بدليل: صلاة العيد، والله أعلم.
* * *
¬__________
(¬1) ينظر: الحاوي (2/ 407)، والمهذب (1/ 359).
(¬2) ينظر: الأحكام السلطانية ص 100.