كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)

ظهر، ولو كانت عيدًا، لم تسقط الظهر؛ كصلاة العيد.
قيل: إنما سقطت؛ لأنها بدل عنها؛ كما أن التيمم بدل عن الماء، ومعلوم أن التيمم ليس هو الوضوء بالماء، وفارقت (¬1) صلاة العيد؛ لأنها فرض علي الكفاية، فلا تسقط فرضًا على الأعيان، والجمعة فرض على الأعيان. فهذا كلام أبي إسحاق.
والدلالة على أن فرض الوقت الجمعة: ما روى محمد بن كعب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فعليه الجمعة في يوم الجمعة، إلا مريض أو امرأة أو مملوك" (¬2)، فأخبر أن الواجب عليه في يوم الجمعة صلاة الجمعة، وعندهم: أن الواجب هو الظهر، ولأنها صلاة مؤقتة يأثم بتركها، فوجب أن تكون واجبة بنفسها؛ كسائر الصلوات، ولا يلزم عليه إذا ترك قضاء الصلوات حتى مات: أنه يأثم بذلك، وليس بواجب في نفسه؛ لأن تلك الصلاة غير مؤقتة، ولأن الأبدال على ضربين: بدل مرتب لا يجوز فعله إلا عند العجز عن المبدل منه؛ مثل: الصوم في كفارة الظهار، والقتل، وغير ذلك. وبدل مخير يجوز الإتيان به مع القدرة علي المبدل، وتركه يجوز، والإتيان بالبدل؛ مثل: الصوم في كفارة اليمين، وليس في الأصول بدل يجب فعله مع القدرة على المبدل، ولا يجوز فعل المبدل لقدرته عليه، وعندهم: أن الجمعة
¬__________
(¬1) في الأصل: فارق، والمراد: صلاة الجمعة.
(¬2) مضى تخريجه في ص 108.

الصفحة 164