كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)
والثانية: يجوز، قال في رواية أبي طالب (¬1): خرجنا من اليمن نريد عبد الرزاق يوم الجمعة، ولم نصلِّ، فأصابنا شقاء لا يعلمه إلا الله من شدة المطر والريح والحبس، ويقال: لا يكاد أحد يخرج قبل الصلاة إلا أصابه بلاء. فظاهر هذا: أنه يجوز السفر؛ لأنه سافر قبل الصلاة، إلا أنه كرهه، ولم يحرمه.
والثالثة: يجوز في النفير خاصة، سواء تعين بالنفير، أو لم يتعين، ولا يجوز السفر لغيره، قال في رواية أبي طالب (¬2): لا يسافر يوم الجمعة قبل الصلاة حتى يصلي، فقيل: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - (¬3): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عبدَ الله بنَ رواحة، وجعفر [اً]- رضي الله عنهما -، فتخلف عبد الله؟ فقال: هذا في الجهاد لا بأس به، الجهاد أفضل، وما كان غير الجهاد، فلا يخرج حتى يصلي. فقد صرح بالفرق بين الجهاد وبين غيره.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: يجوز السفر قبل الزوال وبعده ما لم يُحرم بالصلاة (¬4).
¬__________
(¬1) ينظر: الروايتين (1/ 187).
(¬2) ينظر: الروايتين (1/ 187)، والفروع (3/ 145)، والمبدع (2/ 147).
(¬3) أخرجه الإمام أحمد في المسند رقم (1966)، والترمذي في جامعه في كتاب: الجمعة، باب: ما جاء في السفر يوم الجمعة، رقم (527)، وذكر عن شعبة: أن الحكم الراوي عن مقسم لم يسمع منه هذا الحديث، قال النووي: (حديث ضعيف جدًا، وليس في المسألة حديث صحيح). ينظر: المجموع (4/ 255).
(¬4) ينظر: مختصر اختلاف العلماء (1/ 349)، والتجريد (2/ 940).