كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)
وقال مالك - رحمه الله -: لا يجوز السفر بعد الزوال، ويجوز قبله، غير مكروه (¬1).
وقال الشافعي - رحمه الله -: لا يجوز السفر بعد الزوال، قولًا واحدًا، وهل قبله وبعد طلوع الفجر يجوز؟ على قولين: قال في الجديد: لا يجوز، وفي القديم قال: يجوز (¬2).
فالدلالة على أنه لا يجوز السفر بعد الزوال خلافًا لأبي حنيفة: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} [الجمعة: 9] , فأمر بالسعي إلى الجمعة، والأمر يقتضي الوجوب، ولم يفرق بين أن يكون عازمًا على إنشاء السفر، أو غير عازم، فهو على العموم.
فإن قيل: لا فرق عندك بين أن يريد السفر قبل النداء، أو بعده، فلا معنى لهذا التخصيص.
قيل له: إذا ثبت وجوب السعي بعد النداء، ثبت وجوبه فيما قبل؛ لأن أحدًا لا يفرق بينهما، ويدل عليه: ما روى الدارقطني في كتاب الأفراد بإسناده عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سافر من دار (¬3) إقامة
¬__________
(¬1) ينظر: الإشراف (1/ 327 و 328)، ومواهب الجليل (2/ 549).
(¬2) ينظر: الحاوي (2/ 425 و 426)، والمهذب (1/ 458)، وحلية العلماء (1/ 259).
(¬3) في الأصل: اراد.