كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)

قيل: ليس ها هنا مضمر؛ لأن البغي صفة لمن عدل عما أُمِر به، ولهذا قيل لمن خرج على الإمام: باغ؛ لأنه عدل عما أُمِر به، كذلك البغي ها هنا: عدولٌ عما أمر به، وارتكاب المخالفة في الأفعال من الأكل وغيره، وهذا مثل قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} [المائدة: 38]، معلوم أن السارق من أخذ الشيء، إلا أنه غير مذكور، ولم يجز أن يقال: إن هذا مضمر، بل قيل: إن هذا الاسم لمن هذه صفته، وإنما المضمر نحو قوله - عليه السلام -: "رفع القلم عن ثلاث" (¬1)، نحن نعلم أن نفس القلم لا يرتفع، وإنما يرتفع معنى مضمر، وهو: الحكم، وكذلك قوله: عفي عن الخطأ، نفس الفعل، فعلم أن هناك مضمر [اً].
فإن قيل: قد اتفقوا على أن المراد بالآية: أحدهما، فلا يجوز حملها عليهما؛ كما قلنا في الأقراء المذكورة في الآية (¬2) لما اختلفوا في المراد بها، فتأول بعضهم على الأطهار، وبعضهم على الحيض، واتفقوا أن المراد بها أحدهما، لم يجز حمل الآية عليها.
قيل له: المراد بالآية: الأمران جميعًا؛ لأن البغي في كل محرم عليه بالاتفاق، فثبت أنه مراد بالآية، والبغي في غيره مختلف فيه، ونحن نقول: هو مراد بالآية أيضًا، والظاهر يقتضيه، فجاز حمله عليهما.
وأيضًا: ما أنا أبو محمد عبد الله بن الضرير المقرئ - تخريج أبي
¬__________
(¬1) مضى تخريجه في (2/ 169).
(¬2) في قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228].

الصفحة 60