كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)

والثاني: أن الراوي أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر؛ كما أخبر عن الجمع (¬1) بعرفة والمزدلفة، فلما أجمعنا على أن المراد بالجمع هناك في الوقت، كذلك ها هنا.
الثالث: أنه قصد بهذا الجمع: الرفق بالمسافر، وهذا يؤدي إلى التغليظ والتشديد؛ لأن ذلك لا يمكن مراعاته إلا بمشقة شديدة.
الرابع: أن فيما روينا تصريحًا بأن الجمع كان في وقت إحداهما، ففي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: كان إذا زاغت الشمس في منزله، جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب (¬2)، وهذا يقتضي الجمع بينهما في الزوال؛ لأنه قال: قبل أن يركب، ومعلوم أنه - عليه السلام - ما كان يصلي الظهر ويجلس حتى يدخل وقت العصر ثم يصليها؛ لأنه لا يحصل له قصده من التعجيل، ورواه الشافعي - رضي الله عنه - (¬3): كان يجمع بين الظهر والعصر في الزوال، وهذا صريح في وقت الأولة.
وفي حديث أنس - رضي الله عنه -: كان إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس، أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما (3)، فأخبر أن الجمع كان في وقت الثانية.
¬__________
(¬1) في الأصل: أخبر الجمع.
(¬2) مضى تخريجه في ص 71.
(¬3) في مسنده كتاب الأمالي في الصلاة، رقم (160)، وفي سنده إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي (متروك). ينظر: التقريب ص 63 و 64.

الصفحة 76