كتاب التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة ت الفريح (اسم الجزء: 3)

ويتوجه عندي جواز ذلك (¬1)؛ لأن أحمد - رحمه الله - أجاز ترك الجمعة لأجل المطر والطين، وهي صلاة نهار، فقال في رواية أبي طالب (¬2): في المطر يكون في يوم الجمعة بالغداة، فيصير طينًا، ثم ينقطع في وقت الذهاب؟ فقال: من قدر أن يذهب، فهو أفضل، ومن لم يقدر، لم يذهب؛ فقد جعل ذلك عذرًا في إسقاط الجمعة، فعلى قياسه يكون عذرًا في الجمع، وهو قول الشافعي - رضي الله عنه - (¬3)، ووجه هذا: ما روى موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بالمدينة بين الظهر والعصر في المطر (¬4)، ولأن هذا عذر يبيح الجمع بين المغرب والعشاء، فأباح بين الظهر والعصر؛ دليله: المرض، والسفر.
والوجه لمن منع الجمع بينهما: عمومُ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما التفريط
¬__________
(¬1) ينظر: الهداية ص 105، ومختصر ابن تميم (2/ 372)، والإنصاف (5/ 93).
(¬2) ينظر: الفروع (3/ 106 و 110).
(¬3) ينظر: الحاوي (2/ 398)، والمهذب (1/ 340).
(¬4) لم أجده، قال ابن قدامة: (حديثهم غير صحيح؛ فإنه غير مذكور في الصحاح والسنن، وقول أحمد: ما سمعت يدل على أنه ليس بشيء)، وقال ابن عبد الهادي: (حديث لا يعرف، ولا يصح. قال أبو بكر الأثرم: قيل لأبي عبد الله: الجمع بين الظهر والعصر في المطر؟ قال: لا، ما سمعته)، قال ابن حجر: (ليس له أصل، وإنما ذكره البيهقي عن ابن عمر موقوفًا عليه). ينظر: المغني (3/ 133)، والتنقيح (2/ 543)، والتلخيص (3/ 977).

الصفحة 94